الأربعاء، 30 يونيو 2021

#حديقة الشهداء في حلتها الجديدة



 #حديقة الشهداء في حلتها الجديدة

تم افتتاح حديقة الشهداء في الجانب الايمن من مدينة الموصل وهي حديقة لها تاريخ عريق يمتد لاكثر من 100 سنة تعرضت خلال سيطرة عناصر داعش الى الاهمال والتخريب وقد تم اعمارها وترتيبها وترميمها بدعم من (الوكالة الاميركية للتنمية ) وبالتعاون مع (فريق خلوها اجمل التطوعي) ومديرية بلدية الموصل ) بوركت الجهود و#لنجعل مدينة الموصل خضراء كما كانت وشكرا لجريدة (انباء الموصل ) ولصفحة الموصل في الفيسبوك 30-6-2021
...........................ابراهيم العلاف

#الشيخ أحمد عجيل الياور 1925-1972 الشيخ الثائر المتنور في ذكرى وفاته ال (49) ............مقالي الجديد في جريدة ( أنباء الموصل الثقافية) الموصلية


 


#الشيخ أحمد عجيل الياور 1925-1972 الشيخ الثائر المتنور في ذكرى وفاته ال (49) ............مقالي الجديد في جريدة ( أنباء الموصل الثقافية) الموصلية
جريدة ( أنباء الموصل الثقافية ) ...........وعدد اليوم 29-6-2021
صدر عدد اليوم من جريدة ( انباء الموصل الثقافية ) عدد 29-6-2021 وفيه اخبار ومنوعات واعلانات وموضوعات رئيس التحرير الاستاذ حمودي الحاج رجب المعاضيدي ولي في العدد مقال عن ( الشيخ أحمد عجيل الياور )
.......................ابراهيم العلاف

ابراهيم العلاف عند تمثال الشاعر الكبير ابي تمام في الموصل


 ابراهيم العلاف عند تمثال الشاعر الكبير ابي تمام في الموصل 

#تجربة نواب الموصل في مجلس النواب العراقي 1925-1958


 #تجربة نواب الموصل في مجلس النواب العراقي 1925-1958

 ......مقالي في جريدة ( انباء الموصل) الموصلية عدد اليوم الاربعاء 30-6-2021

.........................ابراهيم العلاف

محلة خزرج ... من محلات مدينة الموصل العريقة ا.د. ابراهيم خليل العلاف



 

محلة خزرج ... من محلات مدينة الموصل العريقة

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

ومن الامور التي تميز مدينة الموصل عن غيرها من المدن العربية والاسلامية ، أن حاراتها ، وما نسميه نحن في الموصل (محاليلها جمع محلة )  ، سميت بأسماء  القبائل ، والعشائر التي وفدت اليها سواء كان ذلك قبل الاسلام أم بعده .

وقد اختطت كل قبيلة لها محلا ،  أو مكانا ( سكنا )  في المدينة .ومن هنا فان اسماء الكثير من محلاتها هي اسماء للقبائل التي سكنت فيها ؛ فهناك محلة خزرج ، وهناك محلة الاوس ، وهناك محلة المشاهدة ، وهناك محلة الشهوان ، وهناك محلة الخاتونية ، وهناك محلة المياسة ، وهناك محلة ثقيف .

ومحلة خزرج التي اتحدث  لكم عنها  ، هي الان من المحلات التي سكنها ابناء من قبيلة خزرج منذ فترة ماقبل الاسلام ، وبعد فتح الموصل سنة 16 هجرية – 637 ميلادية عززت قبيلة خزرج وجودها في الموصل بموجة جديدة .

مدينة خزرج تقع بين محلة الاوس او محلة الجولاق ( كلمة مغولية تعني مقطوع اليد) والساعة ومحلة رأس الجادة بمعنى انها تقع في غرب مدينة الموصل القديمة اقصد المدينة المسورة وقريب منها باب البيض .وحي خزرج قديم لكنه (قُسم ) بعد فتح شارع نينوى سنة 1914-1915 الى قسمين .وحي خزرج تسكنه اسر عربية مسلمة ومسيحية ، وفيه كنيسة مار توما العريقة .

ومن حسن الحظ ان محلة خزرج حظيت باهتمام أحد ابنائها ، وهو الاخ والصديق الاستاذ الدكتور حكمت الحلو فكتب عنها ، واتذكر ان الاخ الاستاذ الدكتور هاشم خضير الجنابي كتب عن التركيب الداخلي لمدينة الموصل كتابا في الثمانينات ونشره في الموصل ، وتطرق فيه الى منطقة خزرج ومما جاء في وصف المحلة انها تتميز بشكل عام ببساطة تركيبها السكاني وبساطة وطيب ساكنيها وكرمهم العربي .

ورغم ان في محلة خزرج بيوتات واسر غنية وميسورة الا ان الواقع المعاشي فيها يُعد متوسطا واغلب سكانها من الكادحين والحرفيين .وقد خرج منها كثير من الضباط والمهندسين والاطباء والاساتذة والموظفين في مختلف المراتب والوظائف الذين خدموا بلدهم اجل خدمة .

كما قلت قبل قليل فان الاخ الاستاذ حكمت الحلو كتب عنها مقالة جميلة ومهمة ويقينا ان كتابته مهمة لأنه واحد من ابنائها ومما قاله ان ابرز ما يميز محلة خزرج التعايش الرائع الذي عاشه ابناؤها ويقصد بين المسلمين والمسيحيين عبر قرون طويلة . ويقول ان الواقع الديموغرافي ( السكاني) لمحلة خزرج يشير الى تجانس فريد بين الاسر من المسلمين والمسيحيين فبيوتهم كانت تتداخل بعضها مع البعض الاخر بشكل كبير والزقاق الذي كان يسكنه اهله كانت جهته اليمنى بالكامل للمسيحيين يقابلهم في الجهة اليسرى دور المسلمين وكان الجميع يتعايشون دونما كلفة او سلوك مصطنع ويقول ان اجمل الايام والليالي لدى سكان المحلة وخاصة صغارها هي اعراس المسيحيين من ابناء المنطقة المتمثلة بإقامة (البراخ) في كنيسة مار توما ، فتجد الحضور فرحين ومباركين للعروسين واهلهما ودونما تستطيع ان تفرق بينهم .

في محلة خزرج معالم عمرانية قديمة ، منها كما سبق ان قلت ، كنيسة مار توما ، وجامع خزرج ومدرسة ابن حيان الابتدائية للبنين ومدرسة الأرثدوكس الابتدائية للبنات .

وكانت المحلة في مطلع ثمانينات القرن الماضي تضم ثلاثة مخابز (افران) ، وعددا من دكاكين النجارين وتشتهر المحلة بعمل ما كان يسميه الناس (سكاير العرب او سيكاير المزبن ) والتي اشتهر ال البصو ومنهم الحاج شيت البصو بصناعتها وبيعها .. وفيما يتعلق بمهن ابناء المنطقة الاخرى وخاصة مهن المسيحيين كان من بينها  البناء والنقر اقصد نقر (الفغش اي المرمر الموصلي والحلان وتقطيعه) والنجارة وصناعة الاباريز (الافاريز)  والنقوش الجميلة عليه ومن مهن المسلمين البقالة والقصابة والحلاقة .

من بيوتات محلة خزرج بيوت ال طاقة ، وال الخابوري ، وال زكو ، وبيت سيد مرعي وبيت عزيز الدمار البناء الشهير ابو امجد  ، وبيت الزوريين وبيت القس وبيت حسين الحلو وبيت عبد الله الامين وبيت الشرابي وبيت شمومة وبيت الطالب وبيت أسوفي  ،  ومحلة خزرج كما سبق ان قلت تقع بين محلتي الاوس (الساعة) ومحلة رأس الجادة والذاهب باتجاه رأس الجادة لابد ان يمر في نقطة  يتقاطع فيها شارع نينوى بمنطقتين مهمتين هما محلة المياسة على جهة اليسار وتضم تجمعات النجماويين وال البصو ، ثم منطقة بيت طاقة وهم اهل الشاعر والمربي والدبلوماسي ووزير الخارجية العراقي الاسبق المرحوم شاذل طاقة تليها منطقة الخوابرة ، ومن اعلامهم صديقنا المربي الاستاذ غانم الخابوري .

وكما قلت فان هناك جامع خزرج وهو من الجوامع القديمة وقد جددت عمارته في الستينات واشرف متولي الجامع عبد العزيز النومة على هذا التجديد .وكما هو معروف ؛ فان بيت البناء عزيز الدمار ابو امجد يلي جامع خزرج وسليم الدمار شقيقه نقار بارع ، ويستمر الطريق الى ما يسمى (سقاق العغيض) اي الزقاق العريض ، حيث مدرسة الارثودكس الابتدائية للبنات ومن هناك تتفرع الطرق الى محلة الاوس والى حمام المنقوشة وهناك بيت عبد شمومة وبيت الحاج شيت البصو وأولاد عمه ايوب مختار محلة خزرج  ، وبيت اهل الدكتور حكمت الحلو ثم بيت الطالب ومنهم اللواء بشير الطالب آمر الحرس الجمهوري لغاية انقلاب 17 تموز 1968 .

اما الزقاق الثاني على يسار المدرسة ، فبعد عوجة بيت سيد مرعي يأتي بيت نعيم البنا ، ثم عوجة بيت اسوفي وفيها ( دنك)  للبرغل وماكنة للطحينية –الراشي يقابله بيت الطالب وبعد هذه العوجة يأتي (فرن خزرج) ،   ثم عوجة بيت حسين الحلو ، ثم بيت الطعان وبيت النقار عزيز زعوجة بيت عبد القادر المصري ثم منطقة الزوريين ومنهم صديقي الاستاذ عبد الاله عبد الرحمن ابو عماد وكان مديرا للشؤون العلمية في جامعة الموصل لفترة ، واذا ما اردنا الاستمرار فسيكون بيت سيد غائب في مواجهتنا وهناك مفترق طرق  :   الايمن يصعد الى بيت حديد ومنه الى محلة حمام المنقوشة ، والايسر الى بيت سيد توحي وعلى يمين الزقاق من بعد سور المدرسة يأتي بيت  صمو البنا ابو ايوب ، وبيت عبد الله الامين اهل دعدوش الصواف واخويه ابراهيم  وذنون ، وبيت عارف الغنام ، ثم عوجة بيت القس .

وفي خزرج ال الشريفي ومنهم صديقنا الشهيد عبد فتاح جاسم الشريفي صاحب مكتبة بسام الذي استشهد يوم 28من اذار 2017 اثناء معارك تحرير الموصل من سيطرة عناصر داعش . وفي خزرج بيت قطان ومنهم الطبيب الدكتور وليد جميل قطان (مواليد 1949) .

محلة خزرج محلة تاريخية ، حية سكنتها أُسر عريقة تحياتي لأهلي في محلة خزرج وتمنياتي للجميع بالخير والتوفيق والتقدم .


الثلاثاء، 29 يونيو 2021

شعر بحق المرحومة السيدة لطفية طه محمد العبيدي زوجة الدكتور ابراهيم خليل العلاف

                                    المرحومة الاستاذة لطفيه طه محمد العبيدي وابنتها الاستاذة هبة ابراهيم خليل العلاف

خصني الشاعر الشيخ ابراهيم المشهداني يوم 15-8-2020 بهذين البيتين عندما أحييت ذكرى وفاة المرحومة زوجتي المربية الاستاذة ام نشوان لطفية طه محمد عبد الرحمن العبيدي توفيت سنة 2007  فقال :

نعم الوفاء لوالد النشوان *** في ذكره لحليلة بأمان 

الله يرحمها ويُعلي شأنها *** في جنة بمنزل الرضوان 

 

الأحد، 27 يونيو 2021

الشيخ أحمد عجيل الياور 1925-1972...........الشيخ الثائر

                                                          الشيخ أحمد عجيل اليار بين الملك فيصل الثاني والامير عبد الاله ولي العهد

                                                                   الشيخ عجيل مع ولده الشيخ أحمد في المانيا 1938


الشيخ أحمد عجيل الياور 1925-1972............الشيخ الثائر المتنور في ذكرى وفاته ال (49)

ا.د.ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل

وانا اقلب جذاذاتي التي ادون فيها ما احتاجه من معلومات وجدت ان يوم 23 من حزيران 1972 هو اليوم الذي توفي فيه الشيخ احمد عجيل الياور شيخ مشايخ عشائر شمر ، وجدت هذه الصورة له مع الملك فيصل الثاني ملك العراق الاسبق 1953-1958 وولي عهده الامير عبد الاله .

كما سبق ان نشرت صورة لدي في ارشيفي مع والده الشيخ عجيل الياور وعلقت عليها بالقول :" الشيخ عجيل الياور ( 1882-1940 ) وولده الشيخ أحمد ( 1925-1972 )في برلين بألمانيا 1938صورة تاريخية تذكارية جميلة للشيخ عجيل الياور بن عبد العزيز بن فرحان باشا الجربا شيخ مشايخ قبائل شمر وولده الشيخ احمد رحمها الله " .

وللشيخ أحمد عجيل الياور تاريخ ، وتاريخ ثر ، وهو من رموز عشيرة شمر البارزين في العراق والوطن العربي ، وسيرته حافلة بالمواقف المشرفة التي وقفها دفاعا عن عروبة العراق ، ووحدته وسيادته .ولد سنة 1925 ودرس في واحدة من اقدم المدارس الرسمية في العراق وهي مدرسة عجيل شمر وبعدها درس في مدينة الموصل ولم يعتمد والده المرحوم الشيخ عجيل على الدراسة الرسمية بل هيأ له ولأخوته مشعل ومحمد مدرسين خصوصيين في مواد اللغة العربية واللغة الانكليزية والدين والعلوم وتعلم ركوب الخيل وهو طفل كما تعلم الرماية وقد ارسله والده الى مدرسة فكتوريا الخاصة بمدينة الاسكندرية بمصر وهناك التقى بالأمير عبد الاله واصبحا صديقين وكان الشيخ أحمد عجيل الياور معروفا بالذكاء كان لماحا واستفاد من سفراته مع والده الى اوربا سنة 1936 وتعلم من الحياة وتجاربها الكثير وبعد وفاة والده كان الى جانب اخيه الاكبر الشيخ صفوك في ادارة شؤون عشيرته ، واراضيها ، واملاكها الواسعة وكانت اسرة الياور من بين (16) اسرة عراقية تمتلك أجود الاراضي الزراعية واكثرها خصبا في العراق الى جانب ما كانت تمتلكه الاسرة المالكة . وقد قدرت اراضي آل شمر بمليون دونم فضلا عن ما كانت تملكه من عقارات واموال .

في سنة 1948 تنازل الشيخ صفوق عجيل الياور عن المشيخة للشيخ احمد لإصابته بعدة امراض .وقد تحمل الشيخ أحمد عجيل الياور مسؤولية شمر وهي من العشائر الكبيرة في العراق ، وكان على قدر عال من المسؤولية ومما ساعده على ذلك ، فضلا عن ذكائه علاقاته بعدد كبير من الرجالات العراقيين والعرب ، وكان يتمتع بثقافة سياسية واقتصادية رفيعة ، وله وجهات نظر ثاقبة وخاصة في مسألة توطين العشائر ، واستقرارها ، وتمدينها كما كانت له مواقفه في مجلس النواب .

انتخب الشيخ أحمد عجيل الياور نائبا عن الموصل في الدورة الانتخابية الثانية عشرة وبلغت جلساتها (27) جلسة استمرت من 21 حزيران 1948 الى 30 حزيران 1949وكان الى جانبه الدكتور عبد الجبار الجومرد ، والاستاذ محمد حديد ، وديوالي اغا الدوسكي ، وحجي شمدين اغا ، ومتي سرسم ، وعبد القادر العاني والشيخ مجبل الوكاع ومحمد يونس السيد وهب ومحمد النجيفي والدكتور عبد الرحمن الجليلي وبركات ناصر وساسون سيمح وعبد الله اغا الشرفاني وعبد الله الدملوجي الذي استقال فحل محله جمال المفتي ، وعبد الله قصير ، ومصلح الدين النقشبندي .

كما انتخب في الدورة الانتخابية الثالثة عشرة وابتدأت في 24 كانون الثاني 1953 واستمرت الى 28 نيسان 1954وعدد جلساتها (31) جلسة وكان عضوا ايضا في مجلس النواب الدورة ( 15) واستمرت من 16 ايلول 1954 الى 27 اذار 1958 وبلغت عدد جلساتها (27) جلسة وانتخب ايضا في الدورة الانتخابية ال (16) وهي آخر دورة انعقدت من مجلس النواب في العهد الملكي 1921-1958 وهذا المجلس حل في 27 اذار 1958 وجرت الانتخابات العامة للمجلس الجديد واجتمع اجتماعا غير اعتيادي في 10 ايار 1958 واقر تعديل القانون الاساسي بسبب قيام الاتحاد العربي الهاشمي وشرع دستور الاتحاد ، ولم يجتمع البرلمان الا اجتماعا واحدا غير اعتيادي بدأ في 10 ايار 1958 وانتهى في 9 حزيران 1958 وقامت الثورة في 14 تموز 1958 وسقط النظام الملكي .

وقد وثق الاخ الاستاذ الدكتور عدنان سامي نذير لدور نواب الموصل في كتابه الموسوم ( مجلس النواب العراقي خلال العهد الملكي 1925-1958 تجربة نواب الموصل ) ، وصدر عن مؤسسة البصائر للدراسات والنشر- اسطنبول بجزئين سنة 2020 وكان لي شرف كتابة تقديم الكتاب ، وهو بالأصل اطروحته للدكتوراه في جامعة الموصل تشرفت برئاسة لجنة مناقشتها .وبالإمكان العودة الى الكتاب المذكور للوقوف عند اسهامات الشيخ احمد عجيل الياور النيابية .

ومما يسجل له أنه ، ومنذ سنة 1952 وقبل ان يشرع قانون الاصلاح الزراعي في العراق بعد ثورة 14 تموز 1958 وزع الاراضي على فلاحيه ، وشجعهم على الزراعة ، وطلب من الحكومة دعمهم ، وفتح المدارس وحفر الابار الارتوازية وانشاء المستوصفات والمراكز الصحية وكل ما يساعد على ممارسة الحياة الحديثة ، وبناء القرى النموذجية ، وادخال وسائل الارشاد الزراعي والدعوة الى الاستقرار .

كما وقف ضد محاولات الانفراد بالسلطة ، وممارسة الاستبداد ودعم العقيد الركن عبد الوهاب الشواف في حركته المسلحة في الموصل يوم 8 اذار 1959 ، وواجه ما واجه بعد فشل الحركة ، وسيطرة الشيوعيين على مقدرات الموصل ، لهذا تعرض للاعتقال وحوكم غيابا وصدر بحقه حكم بالإعدام وبمصادرة امواله المنقولة وغير المنقولة .

وبعد فترة صمدت شمر بوجه السلطة ، واصطدمت بها .وكان للشيخ أحمد عجيل الياور علاقة برئيس الجمهورية العربية المتحدة الرئيس الخالد جمال عبد الناصر ؛ فأحتضنه ومؤيدوه في الاقليم الشمالي (سوريا) وبعد الانفصال المشؤوم ، توجه الشيخ احمد عجيل الياور الى المانيا وبقي حتى قيام انقلاب 8 شباط 1963 ، وسقوط نظام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 .كانت له مواقفه العروبية الصادقة تجاه كل الاحداث التي وقعت في العراق والوطن العربي .

ونحتاج الى جهد ووقت طويلين لكي نتحدث عنها مما يتطلب صفحات كثيرة لكن يمكننا القول ان دعمه للقضايا العربية ومنها قضية الجزائر وقضية فلسطين كان ملحوظا وموثقا ومن الناحيتين المادية والمعنوية وكان يؤكد دوما على ان العراق لايمكن ان يعيش بعيدا عن المحيط العربي وكان يدعو الى الوحدة العربية في كل جوانبها السياسية والعسكرية وكان يقوم بزيارات خاصة لبعض الدول العربية من اجل ذلك كما حدث مثلا سنة 1969 .

بنى الشيخ احمد عجيل الياور جامعا جميلا في الموصل سبق ان تحدثت عنه ويعد في طرازه المعماري متفردا من بين جوامع الموصل ويقع في محلة الطيران وكان اثناء الحصار مفتوحا امام من يحتاج الى الاكل والشرب .توفي يوم الجمعة 23 من حزيران سنة 1972 بعد ان مرض وعولج لكن القدر لم يمهله طويلا رحمة الله عليه ، واقول لطلبة الدراسات التاريخية العليا ان سيرته ، وحياته ومواقفه يمكن ان تكون موضوعا ليس لرسالة ماجستير بل لأطروحة دكتوراه وانا اعرف ان البروفيسور  توماس فردريك وليمسون كان قد نال شهادة الدكتوراه من جامعة برنستون الامريكية عن اطروحته للدكتوراه الموسومة (التاريخ السياسي لشمرالجربا :قبيلة من الجزيرة 1800-1958 ) وقد ترجمت الى العربية حسب علمي اكثر من مرة وقد كتبتُ عن ذلك .

رحم الله الشيخ أحمد عجيل الياور ، وطيب ثراه وجزاه خيرا على ما قدم .كان شيخا حقيقيا ، ورجلا مقتدرا ، وانسانا نبيلا يحق لنا ان نفخر به وندعو الى الاقتداء بسيرته والاطلاع عليها ؛ فهو من رجالات العراق المعدودين ودورهم في تاريخ العراق المعاصر كان ملحوظا .

 

السبت، 26 يونيو 2021

تاريخ الدراسات العليا في تخصص التاريخ في العراق : البدايات الاولى


 


تاريخ الدراسات العليا في تخصص التاريخ في العراق : البدايات الاولى


- ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس - جامعة الموصل


الذي اريد ان اقوله ان الجيل الاول من ممثلي المدرسة التاريخية العراقية تخرجوا من جامعات اوربية وامريكية .لم تكن في العراق كليات تعطي شهادات عليا لذلك اعتمدت الدولة العراقية الحديثة منذ تأسيسها سنة 1921 اسلوب ارسال الطلبة في بعثات واول بعثة عراقية كما ذكرت ذلك في كتابي ( تطور التعليم الوطني في العراق) كانت في السنة 1921 -1922 . وتألفت اول بعثة من عشرة مرشحين شباط 1922 وبعد سنوات ارتفع العدد الى (93) طالبا سنة 1928-1929 وقد عاد الفوج الاول من طلبة البعثات سنة 1926 فاحتوتهم دور المعلمين والمدارس الثانوية .
في ما يتعلق بالدراسات العليا في مجال التاريخ اقول انه وبعد ان تأسست جامعة بغداد بعد صدور قانون جامعة بغداد في ايلول سنة 1956 وتنفيذه بعد سنة ، وتعيين الدكتور متي عقراوي اول رئيس لجامعة بغداد 1957 -1958 ظهرت فكرة فتح دراسة الماجستير وانشاء قسم للدراسات العليا حين تداول مجلس جامعة بغداد بجلسته الثالثة عشرة المنعقدة بتاريخ 18 ايار – مايس سنة 1959 امكانية فتح المجال في بعض اقسام الكليات للدراسات العليا وخاصة الماجستير ووضعت لائحة منح درجة الماجستير في الآداب اقرها مجلس جامعة بغداد بتاريخ 13 نيسان 1960 .
وكان قسم ( التاريخ) واحدا من الاقسام التي تقرر فتح دراسات عليا فيه ، حيث بدأ القبول والتسجيل لمرحة الدراسات العليا في جامعة بغداد في العام الدراسي 1960-1961 في التاريخ – الزراعة – الطب – الكيمياء – الهندسة المدنية فقط .
في دليل جامعة بغداد 1963-1963 وردت معلومات قيمة عن الدراسات العليا في جامعة بغداد وهي الجامعة الام ومما تم التأكيد عليه : " ان اقسام الدراسات العليا تقوم بتقديم المناهج الدراسية للمرحلة التعليمية التي تلي مرحلة البكالوريوس وتستهدف تهيئة الباحثين والعلماء الذين يعملون على تحصيل المعرفة بواسطة البحث والتتبع المستقل كما يقومون بحفظ هذه المعرفة ونشرها " .
وفكرة انشاء قسم للدراسات العليا في بعض كليات جامعة بغداد ظهرت بعد ثورة 14 تموز 1958 وشرع في تحقيقها حينما تداول مجلس جامعة بغداد بجلسته (13) المنعقدة في 18/5/ 1959 امكانية فتح المجال في بعض اقسام الكليات للدراسات العليا وخاصة الماجستير .
وفي فترات لاحقة شكلت لجان لتضع انظمة درجة الماجستير في كليات جامعة بغداد وكانت النتيجة موافقة المجلس بجلسته (12) في 18/11/ 1959 على الصيغة النهائية للائحة نظام منح ماجستير -علوم كذلك وافق المجلس بجلسته (23) المنعقدة في 13/4/ 1960 على لائحة نظام منح درجة ماجستير في الاداب وبدأ القبول والتسجيل لمرحلة الدراسات العليا في السنة الدراسية 1960-1961 في الاقسام التالية : التاريخ - الزراعة -الطب -الكيمياء - الهندسة المدنية.وفضلا عن الاقسام هذه تم في السنة الدراسية 1961-1962 قبول طلبة دراسات عليا في اقسام اثار - الجغرافية - طب الاسنان - اللغة العربية - البايولوجي (علوم الحياة) والميكروبيولوجي .ونشر نظام منح درجة ماجستير علوم من جامعة بغداد ونظام منح درجة ماجستير في الاداب وتم التأكيد على عدم قبول اي مدرس على الملاك الثانوي في الدراسات العليا الا بعد استحصال موافقة مديرية التعليم العامة - الثانوي بوزارة المعارف (التربية ) وفي السادس من ايار سنة 1962 قرر مجلس جامعة بغداد الموافقة على انشاء عمادة للدراسات العليا . وظلت هذه العمادة قائمة حتى السنة 1975 وكنت انا واحدا ممن قبلته جامعة بغداد في الدراسات العليا عبر (عمادة الدراسات العليا ) في جامعة بغداد وكنت مدرسا في متوسطة فتح في الشورة فاقتضى الامر الحصول على منحي اجازة دراسية وقد اجتزت امتحانا تحريرا ومقابلة وعندئذ تم قبولي في قسم التاريخ بكلية الاداب -جامعة بغداد وكانت الرسائل التي نكتبها ترسل الى خبير خارج العراق يجيز مناقشتها وقد نوقشت في رسالتي (ولاية الموصل :دراسة في تطوراتها السياسية 1908-1922) باشراف المرحوم الاستاذ الدكتور عبد القادر احمد اليوسف . وبعد ان اكملت عدت الى مدرستي وبعدها تم نقل خدماتي من وزارة التربية الى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وعينت مدرسا مساعدا في قسم التاريخ بكلية الاداب - جامعة الموصل وباشرت يوم 17 ايلول سنة 1975 .
اعود الى الايام الاولى لانشاء دراسات عليا في العراق فاقول ان الموافقة حصلت على تأسيس معهد عال بجامعة بغداد باسم ( معهد الدراسات الاسلامية العليا ) ، وباشر اعماله في منح شهادة الماجستير في السنة الدراسية 1962-1963 وطبعا كانت هناك (دائرة للدراسات العليا في جامعة بغداد ) ،وهي من كانت تدير الدراسات العليا .
في دراسات التاريخ العليا ، تم التركيز في جامعة بغداد على التاريخ الاسلامي ، واول دورة في دراسات التاريخ الحديث كانت في اوائل السبعينات ، واول من نوقشت رسالته في التاريخ الحديث كان هو الاستاذ الدكتور محمد مظفر الادهمي وكان عنوان رسالته (المجلس التأسيسي العراقي ) سنة 1972 بأشراف استاذي المرحوم الاستاذ الدكتور فاضل حسين وكنت انا اشتغل على رسالتي الموسومة ( ولاية الموصل :دراسة في تطوراتها السياسية 1908-1922) بإشراف استاذي المرحوم الاستاذ الدكتور عبد القادر احمد اليوسف وناقشها سنة 1975 .
الذي يهمني ان اذكره لكم ان الدراسات العليا في جامعة الموصل في التاريخ ابتدأت ايضا بالماجستير التاريخ الاسلامي مع اول العام الدراسي 1977-1978 والدكتوراه مع اول العام الدراسي 1986-1987 .
أما الماجستير في التاريخ الحديث فابتدأت الدراسات فيه اول العام 1985-1986 وكان لي شرف الاشراف على اول رسالة للماجستير في التاريخ الحديث وكانت بعنوان (دور العراق والاردن في السياسة العربية 1941-1958) للدكتورة خالدة ابلال صالح ونوقشت في 2-1-1988 وكان من ناقشها ثلاثة زملاء اعزاء لي هم الاستاذ الدكتور عماد احمد الجواهري رئيس اللجنة والاستاذ الدكتور جعفر عباس حميدي والاستاذ الدكتور خليل علي مراد امد الله بأعمارهم ومتعهم بالعافية والبركة .
بنينا أُسس الدراسات التاريخية العليا في جامعة الموصل على قاعدة الدوائر ، وكان لي شرف الاسهام الفاعل في هذا ، والاسس هي ان نبدأ من (الموصل ) والعراق والدول العربية والدول المجاورة ثم العالم وافقيا وعموديا باتجاه التاريخ السياسي والتاريخ الاقتصادي والتاريخ الاجتماعي والتاريخ الثقافي ، والتأكيد على علاقات العراق الخارجية ودوره العربي والاقليمي والدولي والتركيز على ما افرزته الحضارة العراقية والعربية والاسلامية من ابداعات ومنجزات افادت الانسانية . 

ابن اللباد الموصلي 1161-1231ميلادية الطبيب الموصلي مكتشف مرض السكر







 

ابن اللباد الموصلي 1161-1231ميلادية الطبيب الموصلي مكتشف مرض السكر

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس  -  جامعة الموصل

 

ويعرفه المؤرخون على انه أبو محمد موفق الدين البغدادي أو موفق الدين عبد اللطيف البغدادي  1161 -1231 ميلادية  ،ويعرف ايضا ب(ابن اللباد الموصلي) كما يعرف ايضا ب(ابن ابي العز الموصلي ) ، فهو موصلي المحتد ، مع انه ولد ببغداد .

وابن اللباد الموصلي ،الطبيب الفيلسوف  اول من وضع يده على مرض السكر ، وقال ان من يعانيه يشعر باسترسال البول ، وكثرته ، والعطش الدائم ، والهزال ، وجفاف البدن ، وجعل علاجه في الحمية ، والتغذية المقننة، والهدوء، وراحة البال ، والنفس.

كان عالما موسوعيا ، ويُعد كما يقول الاستاذ عبد الحميد الدجيلي في كتابه   (منتخبات الجمان من بحر المرجان )  أنه من اهم الشخصيات العلمية العربية الاسلامية ، واوسعها أثرا في الفنون والعلوم الفلسفية والطبية اواخر القرن 12 واوائل القرن 13 الميلادي ، وينتمي الى اسرة عُرفت بانها بيت علم وحديث وفقه وكان والده  من كبار العلماء والمحدثين بارعا في علوم القرآن وقراءته مجيدا في المذاهب الفقهية وعلم الخلاف والاصوليين  ،  واشتهر بالطب والفلسفة واشتغل بالتدريس في الازهر ، واقبل عليه الطلاب يقرأون عليه انواع العلوم .

وكان موفق الدين اعظم شخصية فلسفية عربية كتب عنه كثيرون قال عنه السبكي في (الطبقات ) هو " لغوي ، متكلم ، طبيب ، خبير بالفلسفة " .وقال السيوطي عنه في كتابه ( حسن المحاضرة ) "كان عالما بأصول الدين والنحو واللغة والطب والفلسفة والتاريخ وتفقه على ابن فضلان مدرس النظامية ببغداد .ترجمته في عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن ابي اصيبعة :" موفق الدين عبد اللطيف البغدادي هو الشيخ الإمام الفاضل موفق الدين أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن محمد بن علي بن أبي سعد ويعرف بابن اللباد، موصلي الأصل بغدادي المولد، كان مشهوراً  بالعلوم، متحلياً  بالفضائل، مليح العبارة، كثير التصنيف، وكان متميزاً في النحو واللغة العربية، عارفاً بعلم الكلام والطب. وكان قد اعتنى كثيراً بصناعة الطب لما كان بدمشق واشتهر بعلمها، وكان يتردد إليه جماعة من التلاميذ وغيرهم من الأطباء للقراءة عليه؛ كان والده قد أشغله بسماع الحديث في صباه من جماعة منهم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطي، وأبو زرعة طاهر بن محمد القدسي، وأبو القاسم يحيى بن ثابت الوكيل وغيرهم. وكان يوسف والد الشيخ موفق الدين مشتغلاً بعلم الحديث بارعاً في علوم القرآن والقراءات، مجيداً في المذهب والخلاف والأصوليين، وكان متطرفاً من العلوم العقلية" .

ذكرته كتب التراجم ، والسير ، والموسوعات والانسكلوبيديات ومنها ( انسكلوبيديا ويكيبيديا )  الالكترونية . ومما ذكرته ان عدد مؤلفاته يزيد عن ( 173)  مؤلفًا في اللغة ،  والفقه ،  والطب ، وعلم الحيوان ، والرياضيات ، والرحلات. لم يصل إلينا منها سوى عشرون مؤلفا. ويُعد كتاب ( الإفادة والإعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر) ،  من أنفس آثاره ، وهو في الأصل مستخلص من كتاب أكبر عنوانه ( أخبار مصر)  يضم  معلومات واسعة  عن مصر، غير أنه لم يصلنا .

يقول الاستاذ عبد الحميد الدجيلي ان كتبه الفلسفية بلغت (30) كتابا ، وفي الرياضيات والمنطق (20) كتابا ، وفي الطب عشرات ، وفي التفسير والحديث ثماني مجلدات وفي التاريخ سبع مجلدات ، وله في اللغة والنحو واللاغة والادب (20) كتابا ، وله في السياسة ، وله في علم الكلام ، والمناظرة ، والاديان ، والنبات ، والتشريح والادوية وغيرها كثير من الكتب وله رسائل ادبية ومكاتبات ومناجاة وشعر .

ومن نصائحه التربوية  الجميلة  لطلبته :  " اوصيك ان لا تأخذ العلوم من الكتب وان وثقت من نفسك بقوة الفهم ، واياك ان تشتغل بعلمين دفعة واحدة ، ومن لم يعرق جبينه الى ابواب العلماء لم يعرق في الفضيلة . واياك والغلظة في الخطاب والجفاء في المناظرة ، فان ذلك يذهب ببهجة الكلام ، ويسقط فائدته ويجلب الضغائن ، ويصير القائل مستثقلا وسكوته احب الى السامع من كلامه وعليك بالأستاذين في كل علم ؛  تطلب اكتسابه ولو كان الاستاذ ناقصا فخذ منه حتى تجد أكمل منه ، وعليك بتعظيمه وان قدرت ان تفيده من دنياك،  فافعل والا   فبلسانك " .

 

وبهذه الطريقة ، وبهذا الاسلوب كان يقدم دروسه ، وينشر آراءه بين تلاميذه .قال " ولما كان في سنة خمس وثمانين وخمسمائة حيث لم يبق ببغداد من يأخذ بقلبي ويملأ عيني، ويحل ما يشكل  عليّ،    دخلت الموصل ،  فلم أجد فيها بغيتي، لكن وجدت كمال  بن يونس جيداً في الرياضيات والفقه متطرفاً من باقي أجزاء الحكمة، قد استغرق عقله ووقته حب الكيمياء وعملها، حتى صار يستخف بكل ما عداها، واجتمع إلى جماعة كثيرة، وعُرضت علي مناصب ،  فاخترت منها مدرسة ابن مهاجر  المعلقة ودار الحديث التي تحتها، وأقمت بالموصل سنة في اشتغال دائم متواصل ليلاً ونهاراً، وزعم أهل الموصل أنهم لمن يروا من أحد قبلي ما رأوا مني من سعة المحفوظ، وسرعة وسكون الطائر، وسمعت الناس يهرجون في حديث الشهاب السهروردي المتفلسف ، ويعتقدون أنه قد فاق الأولين والآخرين، وإن تصانيفه فوق تصانيف القدماء. فهممت لقصده ثم أدركني التوفيق فطلبت من ابن يونس شيئاً من تصانيفه ،  وكان أيضاً معتقداً فيها فوقعت على التلويحات، واللمحة، والمعارج، فصادفتُ فيها ما يدل على جهل أهل الزمان، ووجدت لي تعاليق كثيرة لا أرتضيها هي خير من كلام هذا الأنوك، وفي أثناء كلامه يثبت حروفاً مقطعة يوهم بها أمثاله أنها أسرار إلهية" .

ثم يتحدث عن زياراته للشام ، ولمصر ، ولبلاد الروم  ولبلاد أخرى واحتكاكه بالعلماء .ومن كلامه أيضاً :"    اجعل كلامك في الغالب بصفات أن يكون وجيزاً ، فصيحاً في معنى مهم أو مستحسن فيه إلغاز تام، وإيهام كثير أو قليل، ولا تجعله مهملاً ككلام الجمهور، بل ارفعه عنه، ولا تباعده عليهم جداً، وقال إياك والهذر، والكلام فيما لا يعني، وإياك والسكوت في محل الحاجة، ورجوع النوبة إليك إما لاستخراج حق، أو اجتلاب مودة، أو تنبيه على فضيلة، وإياك والضحك مع كلامك، وكثرة الكلام، وتبتير الكلام، بل اجعل كلامك سرداً بسكون، بحيث يستشعر منك أن وراءه أكثر منه، وأنه عن خميرة سابقة، ونظر متقدم " ..وأضاف يقول :  "   تجنب الوقيعة في الناس ، وثلب الملوك، والغلظة على المعاشر، وكثرة الغضب، وتجاوز الحد فيه... واستكثر من حفظ الأشعار الأمثالية والنوادر الحكمية والمعاني المستغربة " .

ومن مؤلفاته : كتاب ( غريب الحديث) ،  وكتاب( الواضحة في إعراب الفاتحة) ، ، وكتاب ( كشف الظلامة عن قدامة) ، وكتاب ( قوانين البلاغة)  ، وكتاب (حواش على كتاب الخصائص)  لابن جني، وكتاب ( الإنصاف، بين ابن بري وابن الخشاب على المقامات للحريري ) ، وكتاب ( اختصار كتاب الحيوان)  لأرسطوطاليس، وكتاب (اختصار كتاب الحيوان للجاحظ) ،وكتاب ( اختصار كتاب الحميات ) للإسرائيلي، و( اختصار كتاب البول)  للإسرائيلي ،و( مقالة في العطش) ، و( مقالة في الماء) ، وكتاب (مختصر في الحميات) ، و( مقالة في ميزان الأدوية) ، و( مقالتان في المدينة الفاضلة) ، و( اختصار القولنج ) لابن أبي الأشعث، و( مقالة في السرسام ) ( التهاب السحايا) ، وله (الكتاب الجامع الكبير في المنطق والعلم الطبيعي والعلم الإلهي) ويقع في عشر مجلدات .

 


الشاعران والمؤرخان الخالديان وكتابهما (اخبار الموصل)


 

الشاعران والمؤرخان الخالديان وكتابهما  (اخبار الموصل)

 

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ متمرس – جامعة الموصل

 

وهناك من قال ان ما ألفه الشاعران ، والمؤرخان الخالديان عنوانه (تاريخ الموصل ) .. وللأسف لم يصل الينا هذا الكتاب ، لكن وصلتنا اخباره في العديد من المدونات التاريخية ، ولربما نعثر عليه  في يوم من الايام . والشاعران الخالديان  من القرن الرابع الهجري - العاشر الميلادي اللذان الفا كتابا عن (تاريخ الموصل ) وهما الاخوين (ابو بكر محمد بن هاشم  الخالدي)  ، واخوه ( ابو عثمان سعيد  بن هاشم  الخالدي ) ، وهما من قرية  الخالدية التابعة اليوم لناحية الكوير تقع على ضفة نهر الزاب الاعلى اليسرى جنوبي ناحية الكلك كلك ياسين اغا .

الشاعر والمؤرخ الاول هو (ابو بكر محمد بن هاشم  الخالدي)  وقد توفي سنة 380 هجرية – 990 ميلادية  والشاعر والمؤرخ الثاني هو( ابو عثمان سعيد بن هاشم  الخالدي ) وقد توفي سنة 400 هجرية – 1009  ميلادية .

شيء غريب ان المؤرخ ابن العديم في كتابه (بغية الطلب ) ذكر الكتاب الذي أرخا فيه للموصل ، كما ذكرهما البلداني ياقوت الحموي ، وقال ان اسم الكتاب (تاريخ الموصل ) . والكتاب ايضا ورد ذكره عند الصفدي ، وعند ابي الفداء وورد ذكر الكتاب عند المؤرخ الموصلي ياسين العمري ، وهو من مؤرخي القرن 19  في كتابه (منية الادباء) ، واشار للكتاب الاستاذ سعيد الديوه جي المؤرخ المعروف (توفي سنة 2000) .

الخالديان شاعران كبيران من شعراء العصر العباسي ، ولهما شعر معروف وفيه وصف للموصل واغلبه مما نسميه اليوم بالرومانسي . ومن الطريف انني سمعت فرقة سودانية تردد واحدة من قصائدهما المغناة ( ياشبيه البدر ) ، والاغنية متوفرة على اليوتيوب والرابط هو : https://www.facebook.com

 

مدينة الموصل ، من اكثر المدن العربية والاسلامية التي حظيت باهتمام المؤرخين والف حول تاريخها عدد من الكتب ، قسم كبير منها متوفر بين ايدينا وقسم قليل لايزال مفقودا ، ومن ذلك مثلا اجزاء من كتاب (تاريخ الموصل) للمؤرخ ابي زكريا الازدي وكتاب (اخبار الموصل) للخالديان .

ومن الكتب التي الفت عن الموصل كتاب   المعافى بن عمران الأزدي (توفي : ١٨٥هجرية - ٨٠١ ميلادية) ، والجزء الثاني فقط  من كتاب  ابو زكريا الازدي ( توفي : ٣٣٤ هجرية – 946 ميلادية) ، وكتاب   محمد بن عمر ابن الجعابي (توفي : ٣٥٥هجرية - ٩٦٦ميلادية) ، وكتاب  سعيد ومحمد ابنا هاشم الخالديان (القرن٤الهجري - القرن١٠ الميلادي) ، وكتاب   ابو الحسن علي بن محمد الشمشاطي (كان حيا   سنة ٣٩٤ هجرية - ١٠٠٣ ميلادية) ، وكتاب  إبراهيم بن محمد الموصلي (توفي : ٥٧٧هجرية - ١١٨١ميلادية) وكتاب  إسماعيل بن هبة الله ابن باطيش (توفي : ٦٥٥هجرية  - ١٢٥٨ميلادية) وكتاب   المؤرخ عز الدين بن الاثير (توفي  : ٦٣٢ هجرية - ١٢٣٣ميلادية).

هناك حقيقة لابد من ذكرها ، وهي ان اول من الف في تاريخ الموصل هو
محمد بن عبد الله بن عمار ت 242هـ ، ثم علي بن حرب الطائي ت 265هـ ، ثم المؤرخ الشهير أبو زكريا الازدي في ما سمي بتاريخ الموصل ، وكان يفترض انه في ثلاثة أجزاء  لكننا لم نعثر إلا على الجزء الثاني منه، وهو تاريخ مطول تفصيلي وربما اهتم بالعلماء والمحدثين من أهلها أو ممن مر بها أو من أقام ردحا من الزمن فيها.

وهناك تاريخ أخر للمدينة قيل أن الخالديان الشاعران الموصليان (توفيا نهاية القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي )   إلفاه لكنه  ضاع، وكتب اخرى للجعابي و الشمشاطي وغيره،  وقد ضاعت، ولدينا اليوم  كتاب ابن الشعار الموصلي ت 654هـ ذو العشرة مجلدات و المسمى (قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان)  ثم لدينا كتابي عز الدين ابن الأثير ت 630هـ ،الاول هو ( الكامل في التاريخ ) وهو كتاب عام في التاريخ الاسلامي  يقف عند  سنة 628هـ والثاني هو (التاريخ  الباهر )

وجاء المؤرخان  العمريان، محمد أمين وأخيه يأسين اولاد خير الله الخطيب العمري في القرن الثالث عشر الهجري التاسع عشر الميلادي ، وقد  الفا عددا من الكتب المهمة جدا في تاريخ الموصل  ونشر وحقق بعضها الاستاذ سعيد الديوه جي

كل من كتب عن الموصل اهتم بتسلسل الاحداث وفق نظام الحوليات ومتابعة تراجم الاشخاص .

وفي القرن العشرين ، برز عندنا في الموصل مؤرخ مهم هو الاستاذ  سليمان صائغ وكتابه المهم تاريخ الموصل في ثلاثة أجزاء، ثم كتب  الاستاذ احمد الصوفي عن تاريخ الموصل وبلديتها وخططها ونواحيها وقراها وبعض ما كتب لايزال مخطوطا  واضاف المؤرخ الكبير سعيد الديوه جي الكثير الى ما كتب عن تاريخ الموصل تحقيقا وتأليفا .

 اعود للشاعران والمؤرخان الخالديان فأقول ان المؤرخ سليمان صائغ في الجزء الثاني من كتابه (تاريخ الموصل) قال ان المؤرخ الموصلي محمد امين العمري في كتابه (منهل الاولياء ) قال ان الخالديين الموصليين أوغرا صدر الامير سيف الدولة الحمداني على الشاعر الموصلي السري الرفاء المتوفى سنة 972 ميلادية  فقطع رسمه لكن شعر السري الرفاء ذاع وانتشر وقصد بغداد ونابذ الخالديان وناصبهما العداء وادعى عليهما سرقة شعره وشعر غيره ومن الطريف ان الثعالبي في كتابه (يتيمة الدهر) افرد فصلا لشعره في ذكر سرقة الخالديين منه وغاراتهما عليه وقد هجاهما ومن هجوه ماجاء في قصيدته التي يمدح فيها ابا البركات بن ناصر الدولة الحمداني ويتظلم اليه من الخالديين فقال :

يا اكرم الناس الا ان يعد أبا ***فات الكرام بآباء وآثار ِ

اشكو اليك حليفيَ غارة شهرا *** سيف الشقاق على ديباج افكاري

ذئبين لو ظفرا بالشعر في حرم *** لمزقاه بأنياب وأظفار

والقصيدة طويلة وفي بيت يقول :

عار من النسب الوضاح منتسب ***في الخالديين بين العَرَ والعارِ

ومن الطريف ان الثعالبي وصف الشاعران الخالديان فقال :" ان هذين  لساحران يبدعان فيما يصنعان وكان مما يجمعهما من اخوة ،الادب مثل ما ينظمهما من اخوة النسب فهما في الموافقة والمساعدة يحييان بروح واحدة ويشتركان في قرض الشعر وينفردان ولا يكادان في الحضر والسفر يفترقان " .

وقال الصابي فيهما قصيدة طويلة منها :

ارى الشاعرين الخالديين سيرا ***قصائد يفنى الدهر وهي تخلدُ

وكان الشاعران والمؤرخان الخالديان خازني كتب سيف الدولة الحمداني وجمع ابو عثمان شعره وشعر اخيه قبل موته وذكرت له عدة تصانيف أي كتب مؤلفة منها كتاب في الحماسة (حماسة الخالديين ) وهي مجموعة مختارات من اشعار المتقدمين الجاهليين والمخضرمين وغيرهم وشعرهما بليغ رقيق وتوجد نسخة من هذا الكتاب في مدرسة حسين باشا الجليلي في الموصل

واخبار شعرهما كثير في كتاب يتيمة الدهر للثعالي وفي كتاب ( فوات الوفيات ) .

ومما قاله ابو عثمان الخالدي في دير مار ايليا (دير سعيد) بظاهر الموصل :

ياحسن دير سعيد اذ حللت ُ به ***والارض والروض في وشي وديباجِ

فما ترى غُصنا الا وزهرته *** تجلوه في جبة منها ودُراجِ

وللحمائم الحان تذكرنا *** احبابنا بين ارمال واهزاجِ

وللنسيم على الغدران رفرفة *** يزورها فتلقاه بأمواجِ

كان الخالديان يسكنان في محلة قديمة وسط مدينة الموصل تسمى (درب دراج) وكانت دار المؤرخ ابن الاثير هناك ايضا وفيها اليوم مقام دوسة علي او قنطرة الامام علي عليه السلام ورضي الله عنه وعلى المقام قبة تحت الارض امامها مقبرة تقع على شارع الفاروق ولعلها كانت رباطا ثم اتخذ منها المغول عند دخولهم الموصل سنة 1261 ميلادية مقاما . وقد ذكركل هذا نيقولا سيوفي في كتابه (مجموع الكتابات المحررة في أبنية مدينة الموصل) وسماه (مزار دوسة علي) .

كتاب (اخبار الموصل) أو كتاب (تاريخ الموصل ) ، كما يقول الاستاذ الدكتور عبد الواحد ذنون طه في الفصل الذي كتبه في  الجزء الثالث من (موسوعة الموصل الحضارية ) عن (العلوم التاريخية والجغرافية في الموصل )  وقد اصدرته جامعة الموصل سنة 1992 ان المستشرق فرانز روزنثال في كتابه ( علم التاريخ عند المسلمين ) ترجمة الدكتور صالح احمد العلي 1963 يقول ان كتاب ( أخبار الموصل ) للخالديان يشبه كتاب (تاريخ الموصل)  لابي زكريا الازدي حيث وضع فيه هذان المؤلفان الموصل في مكانها ضمن نطاق جغرافي وربما تاريخي أوسع ،وذلك لاتساع افقهما واتصالهما الوثيق بالمناطق المحيطة بالموصل ، ثم خدمتهما في حاشية سيف الدولة الحمداني حيث اصبحا خازني كتبه كما قال ابن خلكان في كتابه (وفيات الاعيان وانباء الزمان ) الذي حققه الدكتور احسان عباس .

لقد عاش الاخوان الخالديان بعد ذلك في كنف الوزير المهلبي ابي محمد الحسن بن محمد بن هارون وزير معز الدولة البويهي (توفي 963ميلادية ) وقد الف هذان الاخوان ايضا كتابا بعنوان ( الديارات ) وكتاب بعنوان (التحف والهدايا)  والذي حققه الدكتور سامي الدهان ونشرته دار المعارف بمصر سنة 1956 والذي يعد ديوانا لمختارات  من الشعر والنثر في الهدية وفيه مجموعة من الاخبار  تشبه ما جاء في كتب القرن الثالث والقرن الرابع الهجريين التاسع والعاشر للميلاد من نوادر واقاصيص تزيد من ثروتنا الادبية والتاريخية والاجتماعية واكثر هذه الأخبار – كما يقول محقق الكتاب – لم يقع في كتب الادب المعروفة المتداولة ، ولم تصل الينا في المصادر المطبوعة لهذا فان كتابهما (التحف والهدايا )  يكمل كتب الادب ويحتل مكانا خاصا لايقل عن غيره من امهات الكتب في الاخبار والنوادر والأمالي .

 


صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...