الأحد، 23 مايو 2010

المكتبة العربية وعبد الرحمن الكركجي


المكتبة العربية وعبد الرحمن الكركجي

بقلم الاستاذ الصديق معن عبد القادر ال زكريا

زخرت مدينة الموصل- من خلال شارعها الشهير ب "شارع ألنجفي "- بالعديد من المكتبات وتعد المكتبة العربية من أقدم هذه المكتبات ومؤسسها هو الأستاذ عبد الرحمن بن عبد الله بن مصطفى الكركجي وكان ذلك سنة 1921 . وكما هو معروف فأن الكركجي عمل منذ طفولته مع والده عبد الله في مهنة العطارة في دكانه الواقعة في سوق العطارين . إلا أن ذلك العمل لم يحل بينه وبين دخول المدرسة الابتدائية والتخرج فيها ، ثم اكتفى من تعليمه بحصوله على شهادة الدراسة المتوسطة ليطلب التعيين موظفاً في دوائر الحكومة ، فكان نصيبه أن يصير كاتباً في (دائرة الأعشار) والعشر ، ضريبة كانت تفرض على إنتاج المزارعين من الحنطة والشعير بنسبة واحد إلى عشرة من قيمة المحصول ، ثم صار وأن ألغيت هذه الضريبة في نهاية الخمسينات لعدم إيجابية الانتفاع بإيراداتها بالقياس إلى تكاليف جبايتها .
وكان الشاب عبد الرحمن يتوق توقاً شديداً إلى القراءة ، فأستهوته مؤلفات الكاتب المصري مصطفى لطفي المنفلوطي ، فقرأها عن آخرها ، ثم لمّا لم يجد ما يطفئ ضمأه إلى المزيد من القراءة في الموصل ، صادف أن سافر مع أقربائه إلى بغداد ، فزار سوق المكتبات في سوق السراي وتفرعاته (شارع المتنبي اليوم) ليشتري مجموعة متنوعة من كتب أدبية ودينية من مكتبات (العربية ، والعصرية ، ومكتبة إبراهيم حلمي) اذ قام بقراءة بعضها وبيع البعض الآخر في محل والده في سوق العطارين .
وحين اختمرت في ذهنه فكرة الاهتمام بالكتاب ، ترك الوظيفة غير آسف عليها ، ليستأجر دكاناً في شارع ألنجفي زودها بالكتب وأسماها ب "المكتبة العربية" ثم بمرور الزمن أضاف إلى تجارة الكتب الأدبية التي صار إلى المعارف لمختلف المراحل الدراسية .
لقد كانت مكتبة عبد الرحمن الكركجي مكاناً دائماً لملتقى مختلف الأصحاب والأصدقاء والمعارف ، فيهم الدكتور عبد الجبار الجومرد والدكتور داوود ألجلبي واللواء الركن عبد العزيز العقيلي والمؤرخ مدير متحف الآثار في الموصل سعيد الديوه جي والأستاذ في القانون الدكتور حسن علي الذنون .
وقد اهتم السيد عبد الرحمن الكركجي طوال عمله في إدارة المكتبة ولأربعة عقود ونيّف بجمع الكتب الخطية القديمة والنفيسة (المخطوطات) . وقد باع قسماً عظيماً منها إلى مكتبة متحف بغداد في فترة الستينات من القرن الماضي .
توفي الحاج عبد الرحمن الكركجي في مايس-أيار سنة 1976 وتولى ابنه أسامة إدارة المكتبة بعد وفاة والده . غفر الله لعبد الرحمن وأجزى ثوابه ،بعد أن خدم العلم والمعرفة وأعطى اللغة العربية ومنشوراتها حيزاً كبيراً من حياته ، وسمعة جليلة بعد وفاته .
*صورة الاستاذ عبد الرحمن الكركجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عن الاستاذ خليل اسماعيل البستاني الوزير العراقي من ال البستاني الموصليين ومذكراته ورسالة الماجستير التي كتبت عنه

  عن الاستاذ خليل اسماعيل البستاني الوزير العراقي من ال البستاني الموصليين ومذكراته ورسالة الماجستير التي كتبت عنه ا.د.ابراهيم خليل العلاف ا...