التمثيل القنصلي في الموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
لم يعد خافيا على أحد ، ان الموصل - كانت
ولاتزال - تحتل موقعا ستراتيجيا
مهما ، وانها عبر التاريخ كانت ملتقى طرق المواصلات بين الخليج العربي والبحر
المتوسط وقد تحدث عن هذا القائد الاغريقي زينوفون في القرن الخامس قبل الميلاد كما
تحدث عن الشيء نفسه البلدانيون والجغرافيون العرب وفي العصر الحديث وقد اهتم الفرس
والعثمانيون بالموصل وما قصة حصار الفرس للموصل بقيادة نادرشاه في سنة 1743 ببعيدة
.
لقد تعاظم اهتمام الغرب بالموصل منذ قرون
عديدة . وقد اشار الى ذلك المؤرخون ، حتى ان كثيرا من الدول الغربية كانت تحاول ان
تجد لها طريقا الى الموصل أقصد الموصل
الولاية المؤلفة من الوية كركوك والسليمانية والموصل والموصل المدينة .
لقد انتبه الى ذلك العثمانيون الذين سبق ان
اخضعوا الموصل لسيطرتهم في العقد الاول من القرن السادس عشر حين سيطروا عليها ، والتي
تعد اول مدينة عراقية لابل اول مدينة عربية يدخلها الجيش العثماني بعد انتهاءه من
معركة جالديران مع الفرس سنة 1514 كما كانت آخر مدينة عربية خرج منها العثمانيون
سنة 1918 . وكانت سيطرة العثمانيين على الموصل في الرابع من مايس –ايار سنة 1516 بعد معركة
معروفة في التاريخ العثماني بمعركة قره غين دده .
ومن المناسب ان اشير الى انني اشرفت على
اطروحة دكتوراه قدمها تلميذي الاستاذ الدكتور
علي شاكر علي المولى بعنوان ( الموصل في القرن السادس عشر ) ، والتي ظهرت ككتاب قبل فترة قصيرة تتناول
ذلك .
لقد تعاظم النفوذ العثماني في الموصل ،وعلى
اثر فرض السيطرة العثمانية على الموصل سنة 1516 تقدم الجيش العثماني وسيطر على
بغداد سنة 1534 وعلى البصرة سنة 1546 ونتيجة للصراع الاقليمي والدولي في منطقة
الشرق الادنى فإن العراق ظل وحتى يومنا هذا ساحة للصراع الاقليمي والدولي حتى شاعت
المقولة (بين العجم والروم بلوا ابتلينا ) .
لقد اتاحت السيطرة العثمانية الفرصة للقوى المحلية
ان تفرض نفوذها وهكذا حكمت الاسرة الجليلية الموصل اكثر من 100 سنة امتدت منذ سنة
1726 حتى 1834 ولولا الامتداد المصري والتوسع المصري بإتجاه الشام والموصل والرغبة في اقامة الدولة العربية
الموحدة القوية بزعامة والي مصر محمد علي باشا
وتعاون والي الموصل يحيى باشا الجليلي معه لظل الجليليون يحكمون الموصل
اكثر من ذلك .
لكن توسع محمد علي باشا قوبل من قبل الدول
الغربية والدولة العثمانية بالمقاومة ، ففرض الانكليز والفرنسيين عليه معاهدة لندن
سنة 1840 التي اوقفته عند حدود مصر وحدها
ومن ثم اعادت السلطة العثمانية السيطرة المباشرة على الموصل وعينت عليها الوالي
محمد اينجه بيرقدار .
بعد سنة 1834 تعاظم النفوذ الاوربي في الموصل
واشتد الصراع حولها في ميادين كثيرة هي التبشير والتنقيب عن الاثار والنفط والسكك
الحديد والتجارة المتمثلة بتعاظم التصدير من الموصل والاستيراد من اوربا .
كان لابد لهذه القوى الاوربية ان تؤسس
لها قنصليات تدير من خلالها شؤونها وشؤون
رعايا وتعمل على تعظيم نفوذها وادارة صراعاتها بعضها مع البعض الاخر .
فيما يتعلق بالالمان فقد كان لهم نفوذ في
الموصل وذلك منذ ان حصلوا على امتياز مد سكة حديد الاناضول والتي عرفت بسكة حديد
بغداد –برلين وكانت الموصل واحدة من محطات هذه السكة وكما هو معروف فإن التنقيب عن
النفط على جانبي السكة هو ايضا مما حصل عليه الالمان قبل الحرب العظمى اي قبل
الحرب العالمية الاولى ومن الطريف ان اشير الى تعاظم نفوذ القنصلية الالمانية في
الموصل خلال الحرب حتى ان الجنرال ( فون در كولتز) القائد الالماني الكبير قد زارها وان القنصلية الالمانية كانت تصدر
نشرات عن اخبار الحرب باللغتين التركية والالمانية اشرت اليها في كتابي (نشأة
الصحافة العربية في الموصل ) .
كما كان للقنصلية الفرنسية في الموصل في دعم
الارساليات التبشيرية الكاثوليكية التي كانت تعمل من اجل تغيير عقيدة مسيحيي
الموصل وتحويلهم الى الفاتيكان كما كان للقنصلية الفرنسية دور في دفع بعثات
التبشير وكان بوتا احد المنقبين وحدث صراع بين بعثات التنقيب والتبشير الانكليزية
والفرنسية .
وكان القنصل البريطاني في الموصل بعد الانقلاب العثماني 1908 على السلطان عبد
الحميد اسمه (يونك young ) وكان متحاملا على احد زعماء الموصل وهو محمد
باشا الصابونجي وكان يقول عنه انه ( متعصب صارم ومخادع بارع ) وانه يحول دون التفاهم بين المسلمين والمسيحيين
في الموصل وانه اعاق وصول مندوبي جمعية الاتحاد والترقي الى الموصل كما تقول سارة
شيلدز في كتابها (الموصل قبل الحكم الوطني في العراق )
التنافس بين القنصليات الاجنبية كان واسعا وكبيرا ليس على السكك
الحديد والنفط والتنقيب عن الاثار والتبشير وانما في قضايا التجارة وخاصة من حيث
التصدير والاستيراد فالقنصلية الالمانية كانت ترصد حركة التجارة في الموصل مثلما
كانت القنصلية الالمانية والقنصلية الفرنسية وحتى الاميركان دخلوا على الخط
وحاولوا ان يكون لهم وجود اقتصادي في الموصل من خلال رغبتهم في انشاء شركة سنة
1911 لكبس السوس وتصديره .
كما كان التنافس على انشاء البنوك والمصارف
وحتى في كسب الانصار والمؤيدين من الاسر الموصلية لهذا النفوذ او ذاك .
كان ثمة صراع وتنافس بين الانكليز والالمان
للحصول من الدولة العثمانية على امتياز التنقيب عن النفط في ولاية الموصل وتمثل
الموقف البريطاني في دعم وليم كوكس دارسي
في مفاوضاته مع الحكومة العثمانية منذ سنة 1906 حتى سنة 1908 على نفط الموصل
وعندما جاء حزب الاتحاد والترقي الى الحكم وخلعوا السلطان عبد الحميد الثاني عن
العرش سنة 1909 اظهروا ميلا للانكليز وسمحوا لهم ان يؤسسوا في الموصل فرعا للبنك
الامبراطوري العثماني برؤوس اموال بريطانية وجرت مفاوضات فيما بعد بين هذا البنك
والبنك الالماني اسفرت في 31 كانون الثاني سنة 1909 عن تأسيس شركة بريطانية هي
نفسها التي اصبحت فيما بعد اي في سنة 1912 شركة النفط التركية وقد جاءت الحرب
العظمي سنة 1914 لتغلب المصالح البريطانية بعد هزيمة الدولة العثمانية وحلفاءها
الالمان ..
وهنا لااريد ان ادخل في تفاصيل ما حدث خلال
الحرب العظمى من محاولات بريطانية روسية فرنسية لاقتسام املاك الدولة العثمانية في
معاهدة سايكس –بيكو –سازانوف واحتلال
البصرة من قبل الجيش البريطاني سنة 1914
ويغداد سنة 1917 والموصل سنة 1918 والمساومات التي اعقبت الحرب وتخلي فرنسا عن
الموصل واسقاط حكم فيصل في دمشق ومطالبة الاتراك بالموصل وانتهاء ذلك بصيرورة
ولاية المول جزءا من الدولة العراقية الحديثة سنة 1925 ووضع خط بروكسل والاتفاقية
العراقية –التركية 1926 وانتهاء مشكلة الموصل ومن ثم فتح قنصلية تركية في الموصل
حجز افرادها خلال سيطرة الظلاميين على الموصل ومن ثم اطلق سراحهم وعادوا الى
بلادهم والقنصلية الان اي عند كتابة هذه السطور
لاتزال مغلقة وستفتح قريبا .
اذن كان في ولاية الموصل منذ اواخر القرن التاسع عشر وما بعد ذلك قنصليات عديدة منها :
1. (القنصلية الالمانية) ، في الموصل وكما ذكرت سالنامة الموصل سنة 1325
اي 1908 ان الموصل كان فيها قنصلية المانية وكانت للالمان مصالح تجارية واطماع في
النفط وحاولات لمد سكة حديد في الاراضي العراقية ومصالح اثاريةمنذ سنة 1873
2. (القنصلية الفرنسية ) ، وقد افتتح
الفرنسيون اول قنصلية لهم وعينوا بول اميل بوتا اول قنصل سنة 1842وبعده المسيو
رو Rouet 1845 -1850
وبعده فيكتور بلاس 1851 ومن الذين عملوا
فيها نائب القنصل الفرنسي مسيو فيكتور بلاس M.Place وقد تحدث في تقاريره عن الشغب الذي حدث في
الموصل سنة1854 وسببه القيادة القديمة للانكشارية وسعيها استعادة السيطرة على
المدينة وقال نائب القنصل ان الاغوات من الانكشارية كانوا هم حكام المدينة
الحقيقيون ولم يكونوا يريدون ان يخسروا نفوذهم وقد حرض الاغوات الانكشارية على
المسيحيين وبالتعاون مع بعض زعماء المدينة
لكن الدولة العثمانية كانت منهمكة بالحرب مع روسي ولذلك قمعت الحركة والقائمة عند
نائب القنصل الفرنسي وهم المفتي والقاضي واخو القاضي وواعظ الجامع الكبير مع سبعة
اخرين .
وكان المسيو بلاس يعرف ان المسيحيين والاجانب
وجدوا من يرعاهم من رجال الدين عقبة في طريقهم لاستعادة سيطرتهم على المدينة فمن
وجهة نظر نائب القنصل الفرنسي الذي يشكل المركز المهم لكل ما كان يحدث تجه الاجانب
والمسيحيين من شعور معاد في المدينة فإن تفسيره للاحداث يبدو معقولا جدا لكن
الحقيقة ان اهالي الموصل اعترضوا على زيادة الضرائب التي اقرتها حكومة الولاية سنة
1854 .فالضرائب رفعت عن سكان الريف ووضعت على كاهل سكان المدينةفأصبحت المعيشة
غالية والحياة صعبة كما غضب التجار في الموصل عندما رفعت الحكومة ضريبة الكمارك
على السلع التي يستوردونها .
كما كان بوتا اثاريا وكان يراقب لايارد الاثاري
الانكليزي ودار صراع ليس بين بعثات التبشير العاملة في الموصل البروستانتية
والكاثوليكية وانما بين بعثات التنقيب الفرنسية والانكليزية كذلك .وكثيرا ما كان
الصراع يمتد ليشمل السلطة الحاكمة والاهالي في الموصل كما حصل سنة 1854 وكان
الصراع غالبا ما يحدث في تل التوبة تل النبي يونس وكثيرا ما تنتشر الاشاعات على ان
المنقبين الاجانب ينبشون قبور المسلمين او انهم يريدون شراء الاراضي وطرد اهلها
وما شماكل ذلك من القصص والحكايات .
اذا تقارير القناصل تعد مصادر مهمة عن تاريخ
الموصل الحديث
وكان للفرنسيين في الموصل مدرستان في سنة
1882 يديرهما الاباء الفرنسيون احداهما مدرسة داخلية للطلاب الاكليروس الكلدان
والاخرى كانت خارجية تضم طلابا مسيحيين ومسلمين ويهود كما كانت للفرنسيين مدرستان
تديرهما راهبات التقدمة احداهما داخلية
لليتيمات والاخرى خارجية للبنين وكانت هذه المدارس تتلقى اعانات من الحكومة
الفرنسية وتهتم كل هذه المدارس بنشر الثقافة الفرنسية واللغة العربية وقد حصلت
المدارس الفرنسية في الموصل على اعانات حكومية فرنسية قدرها 11500 فرنكا سنة 1882
ويقول لونكرك في كتابه (اربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ) ان الجو الثقافي في
الموصل اواخر القرن 19 ومطلع الرن 20 كان
فرنسيا وكان للفرنسيين دور في حركة النهضة الفكرية والقفافية في العراق وخاصة من
حيث تشجيع نشر الصحافة وتأسيس المطابع والمدارس والمسرح .كما كان لهم كذلك نشاط
اثاري وتجاري وسياسي ولهم اطماع في نفط الموصل حتى ان الموصل في اتفاقية سايكس –بيكو
كانت من ضمن منطقة نفوذهم قبل ان يتخلوا عنها للبريطانيين بعد الحرب العظمي مقابل
تخلي الانكليز عن عرش فيصل سنة 1920 في سوريا .
3. القنصلية البريطانية ( كريستيان رسام القنصل البريطاني وهو من ال رسام
العائلة الموصلية المعروفة عمل اول الامر بصفة مترجم مع الانكليز وكان متزوجا من
ابنة احد التجار الانكليز وهو بيرس pierce منذ خمسينات القرن التاسع عشر واسمها
كلوديا بادجر وكانت احدى رائدات التبشير
البروتستانتي Clodia
Badger
وكان كلوديوس جيمس ريج المقيم السياسي
البريطاني في بغداد يدعم النشاطات التبشيرية والاثارية والتجارية في الموصل منذ
السنوات الاولى من القرن 19 وقد زار الموصل اكثر من مرة بين سنتي 1813 و1816 وحدد
المواقع الاثارية ودون مشاهداته في كتاب صدر بالانكليزية عنوانه : ( قصة الاقامة
في كردستان وفي موقع نينوى القديم ) وقد نشفي لندن سنة 1936 وقد تحدثت عن صراعات
الانكليز والفرنسيين في مجال الاثار الاخت مروة زهير النحاس في رسالتها للماجستير
في جامعة الموصل عن هنري لايارد ونشاطه الاثاري والسياسي في العراق 1817-1894 .
4. القنصلية الروسية وكان للروس خلال العهد القيصري اي قبل ثورة اكتوبر
الاشتراكية سنة 1917 اطماع في الموصل وكان الموصليون يعرفون الروس بإسم (المسقوف )
وقد اكتووا بنارهم جراء مشاركة اولادهم في الحروب الروسية =العثمانية وكذلك كان
للروس قنصلية في الموصل وكان يشرف عليها قنصلهم في العراق الكسندر آداموف ومقره في
البصرة وخلال الحرب العظمى 1914-1918 تقرب الجيش الروسي وكان هدفه احتلال الموصل
وتحقق له احتلال راوندوز وبنجوين ولم تكن
روسيا بعيدة عن محاولات اقتسام تركة الدولة العثمانية التي اسماها قيصر روسيا
الرجل المريض فإشتركوا مع الانكليز والفرنسيين في محاولات التقسيم عبر اتفاقية
سايكس-بيكو –سازانوف 1916 وسازانوف كان ممثلا لروسيا في المباحثات البريطانية –الفرنسية
–الروسية لاقتسام تركة الدولة العثمانية لكن اعلان الثورة البلشفية ادى الى انسحاب
روسيا من الحرب وفضح اتفاقيات التقسيم .
كانت المصالح الروسية تشمل المصالح التجارية
السياسية وقد اهتمت روسيا بتأسيس نفوذ لها وخاصة في المنطقة الكردية من ولاية
الموصل وكثيرا ما كانت تتدخل في شؤون هذه المنطقة من خلال عملاءها وقد فتح الروس
لهم قنصلية في مدينة الموصل سنة 1883 وصار لها نشاط غير اعتيادي كما يقول الدكتور
جاسم محمد حسن العدول في رسالته للماجستير (العراق في العهد الحميدي ) والتي قدمت
لجامعة بغداد سنة 1975 :" وتحسن الاشارة في هذا المجال الى ان النشاط غير
الاعتيادي الذي كانت ابدته القنصلية الروسية في الموصل عقب تأسيسها فيها سنة 1883
سرعان ما اثار شكوك الحكومة المحلية في الموصل ودفعها الى الاعتقاد بقيام تلك
القنصلية بأعمال تجسسية وقد اكد القنصل الفرنسي في الموصل انذاك فوصيل تلك الشكوك
عندما كتب الى حكومته يقول ما نصه : " لقد وصل القنصل الروسي يصحبه شاب قدمه
بوصفه سكرتيره ولكنه في الحقيقة لم يكن سكرتيره بل كان ضابط هندسة له هدف اعترف به
وهو التقاط صور فوتوغرافية ورسم لوحات زيتية ... ويحق لنا ان نفترض ان هذه الكثرة
من الوكلاء الروس لها مهام مختلفة ؛ فبعض هؤلاء مكلفون بدراسة البلد وطرق
المواصلات فيه وبعضهم مهتمهم القيام بالاعمال
الطوبوغرافية في هذا الجزء التابع للدولة العثمانية " .
والجدير بالذكر ان خطر الاحتلال الروسي
للموصل كان واردا واثير اكثر من مرة ومنها ماجدث سنة 1879 مما دفع المتحف
البريطاني في حينه الى ان يحث المنقب كريستيان رسام ممثلهم في الموصل والقنصل
البريطاني لاحقا الى ان يعجل في التنقيب
في اكبر عدد ممكن من المواقع الاثرية في الموصل وان ينقل الى بريطانيا كل
ما يستطيع نقله منها قبل فوات الاوان
5. (القنصلية
الايرانية) ، وكان لايران مصالح في العراق
والموصل ولم تكن ثمة حدود واضحة بين
الدولتين العثمانية والفارسية لان الاسلام لايعترف بالحدود بين الدول الاسلامية
لكن مشكلة الجدود كانت قائمة بينهما وعقدت عدة معاهدات واتفاقيات وبروتوكولات وكان
هناك نزاع على الاراضي الحدودية وفي شط العرب وفيما يتعلق بولاية الموصل كان
للايرانيين مصالح في منطقة كردستان العراق وكانت ايران تطمع في اراض في ولاية الموصل ومنها سهل كلعتبر وجبل هورمان
وكثيرا ما قامت الحروب بين الدولتين العثمانية والفارسية وفي سنة 1906 اختيرت
الموصل لتكون مكانا للمفوضات بين الطرفين وقد وصل الوفد الايراني الى الموصل في 3
كانون الثاني 1907ىوالتقى الوفد العثماني لكن لم يتحقق شيئا وكثيرا ما كان توغل
العشائر الكردية على الحدود سببا في النزاع الدائم كما كانت قضايا المذهب سببا
كذلك في النزاع وكانت بين الطرفين مصالح تجارية ووكان للايرانيين العديد من البيوت
المالية في العراق حتى انهم سيطروا لفترة على التجارة ببغداد وكان جزءا كبيرا من
تجارة البصرة بأيديهم وكان قسم من الايرانيين في السليمانية يعمل في الزراعة واسس
الايرانيون فرعا في الموصل للبنك الايراني سنة 1890 كما كانت لديهم قنصلية في
الموصل وتمتع القنصل بموجب معاهدة عقدت سنة 1875
بصلاحية الاشراف على شؤون الرعايا الايرانيين وتعدتها لتشمل رعاية مصالح
اشيعة كلهم كما قال القنصل الفرنسي فوصيل في كتابه (الحياة في العراق منذ قرن ) .
6. (القنصلية
التركية ) ، وكان للاتراك قنصلية في
الموصل منذ الثمانينات من القرن الماضي
ولا ننسى انه كان للولايات المتحدة الاميركية
نفوذ في الموصل من خلال مقر الارسالية التبشيرية الاميركية التي سعت منذ ثمانينات
القرن التاسع عشر الى تحويل المسيحيين الموصليين الى البروتستانتية وكانت هذه
الارسالية الاميركية الوحيدة في العراق حتى تسعينات القرن التاسع عشر عندما افتتح
الاميركان مقرات للارسالية العربية في البصرة والعمارة والناصرية كما هو معروف
وكما كتب عنها الدكتور عبد المالك خلف التميمي في كتابه (التبشير في الخليج العربي
) .
كما كان للاميركان مصالح تجارية في الموصل
وقد اشرنا الى محاولتهم تأسيس شركة لكبس عرق السوس في الموصل سنة 1910 وتصديره الى
اميركا لاستخدامه في صناعة الادوية .وتشير الوثائق الاميركية للسنة 1907ان شركة
ماك اندروز فوربس الاميركية تولت احتكار تجارة تصدير عرق السوس من الموصل منذ سنة
1907 كما كانت للاميركان اطماع في نفط الموصل ولم يهدأ للاميركان بال حتى استحوذوا
على 23% من نفط الموصل عقب انتهاء الحرب العظمى وكان القنصل الاميركي في بغداد
ومنذ سنة 1899 يتولى الاشراف على شؤون
الرعايا الاميركان في الموصل وفي كل العراق وكانت القنصلية البريطانية ومنذ سنة
1882 هي من تتولى الاشراف على شؤون الرعايا الاميركان في العراق الى ان تم تعيين
قنصل امريكي في بغداد له صلاحية الاشراف على الرعايا الاميركان في كل من ولايتي
الموصل والبصرة .
وهكذا نجد ان الموصل لاهميتها ولاهمية موقعها
الستراتيجي كانت تحظى بإهتمام الدول الكبرى لهذا فتحت هذه الدول لها قنصليات
دبلوماسية تدير مصالحها في مجالات التعليم والتبشير والتجارة .