أندريه مايكل André Michel وجهوده في خدمة الثقافة العربية
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
منذ زمن بعيد ، وأنا أُتابع كتابات المستعرب الفرنسي الكبير اندريه مايكل André Michel ، والذي قدم العديد من المؤلفات والانجازات البحثية عن العرب والحضارة العربية الاسلامية .
وفي نيسان 2019 كُرم بجائزة الشيخ محمد بن راشد للغة العربية ، بإعتباره من الشخصيات العالمية التي خدمت اللغة العربية والثقافة العربية خدمة جليلة ، وبارزة ، ومؤثرة . وقد تابعت ذلك من خلال تصفحي الدائم لجريدة (الخليج ) وخاصة العدد الصادر في 22 ابريل -نيسان 2019 .
واندريه مايكل من مواليد جنوب فرنسا سنة 1929 أي ان عمره الان (90) سنة . وقد اكمل دراسته في (مدرسة المعلمين العليا ) ، وكان استاذه في اللغة العربية المستعرب الكبير والشهير ( ريجيس بلاشير ) .
وبعد تخرجه سافر الى دمشق ومن ثم بيروت والتحق ب(المعهد الفرنسي للدراسات العربية ) في بيروت .. كما عمل في اثيوبيا لمدة عامين وكان ذلك اواسط الخمسينات من القرن الماضي .
عاد الى بلاده ، وعمل في وزارة الخارجية الفرنسية واختير ليكون مستشارا ثقافيا لبلاده في القاهرة سنة 1961 . وقد تولى تدريس الادب العربي في عدد من الجامعات الفرنسية ، ومنذ عودته من القاهرة سنة 1968 .
ومن الجامعات التي عمل فيها جامعة فانسان ، وجامعة السوربون .. كما اختير ليكون مديرا ل(معهد لغات الهند والشرق وشمال افريقيا وحضارتها ) في جامعة باريس الثالثة قبل ان تتم عملية انتخابه استاذ كرسي الادب العربي في الكوليج دي فرانس سنة 1975 .
وفي سنة 1984 عمل مديرا للمكتبة الوطنية في باريس ، وعاد سنة 1986 الى الكوليج دي فرانس استاذا ، لكنه اختير سنة 1989 رئيسا لها .
وفي كل هذه المحطات المهمة من حياته ،لم يتوقف عن البحث والتأليف ، فقد قدم الكثير في مجالات الادب العربي والثقافة العربية سواء من خلال محاضراته العلمية أو ترجماته اأو اشرافه على رسائل الدكتوراه وخاصة لعدد من الباحثين والدارسين العرب .
قرأت في جريدة ( الشرق الاوسط ) مقالة عنه ، وعن جهوده في توضيح وسطية الاسلام وإعتدالة في مواجهة التطرف والتشدد .. وقرأت انه ترجم كتاب (كليلة ودمنة ) لإبن المقفع الى اللغة الفرنسية ..كما الف كتابا عن (كليلة ودمنة ) وقال ان حكايات ( لافونتين ) مأخوذة من حكايات كليلة ودمنة.كما ترجم كتاب (الف ليلة وليلة ) الى اللغة الفرنسية وشاركه في هذا العمل الباحث الجزائري جمال الدين بن شيخ ونشرت في سلسلة لابلياد عن جاليمار وهي سلسلة خاصة بالروائع العالمية .
ومن الطريف أن اندريه مايكل اهتم بقيس بن الملوح المعروف ب(مجنون ليلى) وكتب عن ذلك .
ومن احدث اصداراته كتاب بعنوان ( محاورات بغداد : إسلام التنوير ) ، والكتاب يعكس إعجابه بهارون الرشيد والمأمون وعصرهما الذهبي في بغداد ومما اثبته ان عصر المأمون شهد حوارات تاريخية بين مفكري العصر من المسلمين وعلماء اللاهوت من المسيحيين وحاخامات اليهود وكان كل هؤلاء يتحاوران في ظل اطر واسعة من الحضارة العربية الاسلامية .
اندريه مايكل مثله مثل جاك بيرك لايريد ان يُسمى مستشرقا وانما يحبذ أن يُسمى مستعربا .
ومما يميز كتاباته هذا النفس الانساني الذي نلمسه سواء عندما يحاضر او عندما يكتب أوعندما يؤلف . ويظل اندريه مايكل جسرا ثقافيا وعلميا انسانيا بين الثقافتين العربية والفرنسية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق