الأربعاء، 27 يوليو 2011

الدكتورة نزيهة الدليمي وريادة الحركة النسائية في العراق

      الدكتورة نزيهة الدليمي وريادة الحركة النسائية في العراق
   ا.د.إبراهيم خليل العلاف
   أستاذ التاريخ الحديث –جامعة الموصل
     حفلت سجلات الحركة النسائية العراقية بالكثيرات ممن قمن بدور مهم في إعلاء شأن المرأة وتقدير دورها وتعزيز مطالبها المشروعة للمساواة والعدالة والتقدم .وإذا كنا لانستطيع أن نغفل دور صبيحة الشيخ داؤد  صاحبة كتاب " أول الطريق إلى النهضة النسوية في العراق " وبولينا حسون صاحبة مجلة ليلى(1923 ) ، فإننا لابد أن نذكر بالجهود التي بذلتها الدكتورة نزيهة الدليمي في سبيل تعزيز دور المرأة، وانتزاع حقوقها وخاصة في  المجالات القانونية  والإدارية والثقافية .
     تذكر نزيهة الدليمي أول وزيرة في تاريخ العراق المعاصر كلما ذكرت ثورة 14 تموز 1958 التي حررت العراق من الأحلاف والارتباط بعجلة الغرب وخطت بالعراق خطوات كبيرة في مجال التقدم والعدالة .
   ولدت نزيهة  جودت الدليمي في محلة الباب المعظم ببغداد سنة 1923في عائلة من الطبقة الوسطى . وأكملت دراستها الابتدائية والمتوسطة والتحقت بمدرسة تطبيقات دار المعلمات ثم في الثانوية المركزية وفي السنة 1941-1942 دخلت  الكلية الطبية العراقية وتخرجت فيها  سنة 1947 طبيبة عملت في المستشفيات العراقية من بغداد حتى السليمانية وكان لها عيادة خاصة في محلة الشواكة ببغداد  .كما عملت لفترة مع منظمة الصحة العالمية .
    انتمت إلى الحزب الشيوعي العراقي سنة 1948 وعملت في خدمة أهدافه  واشتركت في وثبة كانون الثاني 1948 ،لكنها سرعان ما تركت الحزب .وقد تولد لديها حس وطني تقدمي  منذ أن كانت طالبة في  الكلية الطبية حتى أنها شاركت سنة 1945 اجتماعا لجمعية نسائية عرفت في حينه بأسم"  الجمعية النسوية لمكافحة الفاشية والنازية " .وفي هذا الاجتماع تقرران يكون نشاط هذه الجمعية بأسم " رابطة النساء العراقيات " وفي سنة 1952 أصبح اسمها "رابطة المرأة العراقية ".ويقال أن عدد أعضاء هذه الرابطة في الخمسينات من القرن الماضي تجاوز ال 40 ألف من النساء العراقيات .  وقد تولت الدكتورة نزيهة الدليمي رئاستها وكان لهذه الرابطة علاقات مع التنظيمات النسائية في العالم حتى أنها شاركت في مؤتمر النساء العالمي في كوبنهاكن سنة 1953 وكانت عضوا في الاتحاد النسائي العالمي الديمقراطي ، وفي منظمة أنصار السلام العراقية 1954 ،وفي مجلس السلم العالمي .
     وقد أقدمت الدكتورة الدليمي على التعريف بنشاط المرأة العراقية من خلال كتاب صغير الفته بعنوان : " المرأة العراقية " تعرضت فيه إلى واقع المرأة العراقية بجرأة شديدة وانتقدت هيمنة التقاليد البالية على المجتمع ودعت النساء إلى الثورة على ذلك الواقع والتحرر من الأغلال،  والاعتماد على أنفسهن في استعادة حقوقهن المشروعة .ونظرا لنشاطها هذا فقد تعرضت خلال العهد الملكي وما بعد ذلك إلى المضايقة من السلطة الحاكمة ونقلت إلى خارج بغداد لأكثر من مرة .
    في سنة 1959 اختارها الزعيم الركن عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية وزيرة للبلديات  وبهذا فهي أول وزيرة ليس في تاريخ العراق بل في الوطن العربي كله .ولم يكن اختيارها على أنها شيوعية بل لكفاءتها  العلمية والمهنية والإدارية ولدورها في خدمة المرأة . وكان لها دورها في الدفع بتشريع قانون الأحوال الشخصية ذو الرقم   188 لسنة (1959 ) ،الذي ضمن حقوق المرأة العراقية وكان قانونا متقدما في حينه ولايزال حتى أن بعض الباحثين يؤكدون بان ذلك القانون يعد من أرقى  قوانين الأحوال الشخصية في الشرق الأوسط وأكثرها تقدمية .
   عرفت الدكتورة نزيهة الدليمي بحبها للفقراء ورعايتها  للمرضى ولذوي الاحتياجات الخاصة . وخلال عملها في وزارة البلديات كان لها دورها في إنشاء مدينة الثورة (الصدر حاليا ) ببغداد .كما تبنت قضايا المرأة العراقية وعملت في خدمتها   ..  وقد وجد أبناء جنسها منها كل محبة وتقدير واحترام  .. وعدت شخصية وطنية عراقية مرموقة تحظى باحترام كل القوى السياسية العراقية لما قدمته للعراق من خدمات . لكن المتغيرات السياسية التي شهدها العراق وما نجم عنها من صراعات اضطرت الدكتورة الدليمي إلى مغادرة العراق في مطلع السبعينات من القرن الماضي  إلى ألمانيا وعاشت في  مدينة بوتسدام قرب العاصمة برلين ،وكان لها نشاطها الملحوظ في الدفاع عن قضايا شعبها هناك وخاصة في الندوات والتجمعات والمؤتمرات وكان آخر نشاط عام لها هو حضورها الندوة التي عقدت في مدينة كولون الألمانية حول المرأة العراقية سنة 1999 . 
     أصيبت بمرض عضال  وكان أن توفيت عن عمر يناهز ال84   في التاسع من تشرين الأول سنة 2007 وقد نقل جثمانها إلى بغداد ودفنت في مقبرة الشيخ معروف الكرخي .وفي نيسان  سنة 2009 اقر مجلس الوزراء توصية أمانة العاصمة بأقامة تمثال لها في بغداد .عاشت نزيهة الدليمي من اجل العراق وماتت ..والعراق في حدقات عينيها ..وهذا يتطلب من الأجيال أن تذكرها وتتذكرها والذكر للإنسان حياة ثانية له .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل قبل أيام نشرت مقالة عن أول مؤتمر ثقافي عربي عقد سنة 1947 ، وعن حضور العلامة المؤرخ العراقي الكبير الاستاذ الدكتور جواد علي وهو من اساتذتي درسني في الصف الاول في كلية التربية -جامعة بغداد سنة 1964 مادة (تاريخ العرب قبل الاسلام) ، وقد علق الاخ الاستاذ شهاب سالار الاثري على ما كتبته ، وقال ان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري اللغوي والمؤرخ والمحقق العراقي الكبير كان من اوائل الحاضرين في هذا المؤتمر وكان يمثل العراق وقد القى كلمة مهمة . يقول الاستاذ شهاب سالار الاثري بعد ان نقل تحيات الاستاذ يسار محمد بهجت الاثري :" الاخ الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف ، بعد ابداء مايليق بالجناب من اعطر التحيات واجملها فأني ارجو ان تكونوا بخير وصحة وعافية . قرأت مقالكم الفخيم حول المؤرخ الدكتور المرحوم جواد علي (رحمه الله). (ومشاركته في المؤتمر الثقافي العربي الأول) الذي انعقد سنة 1947 ويبدو لي ان الاستاذ حسام الساموك قد التبس عليه التاريخ وكتب سنة 1945 بدلاً من سنة 1947 ونشرها في مجلة افاق عربية ولربما أن الخطأ وقع من المطبعة . وتم انتخاب الأستاذ الأثري في هذا المؤتمر رئيساً للجنة اللغة والقواعد. وشارك المرحوم الاستاذ الدكتور جواد علي في القاء محاضرة عنوانها (الثقافة العربية ومقامها من الثقافات العالمية) .. . العراق شارك في اعمال هذا المؤتمر العتيد ..المؤتمر العربي الأول المقام على ارض لبنان برعاية رئيس جمهورية لبنان الشيخ بشاره الخوري في بيت مري للفترة من ٣ إلى ١١ أيلول - سبتمبر سنة ١٩٤٧م ، وعن اوليات عقد المؤتمر قال ان اللجنة الثقافية للجامعة العربية فكّرت بعقد أول مؤتمر عربيّ، وكانت أهم المواضيع المطروحة للبحث في: آداب اللغة العربيّة، والجغرافية والتاريخ، والتربية الوطنيّة. وما أن أُعلن عن المؤتمر حتى تقدّمت إليه الطلبات الكثيرة من شتّى الأقطار العربيّة من رجال ونساء وبلغ عدد المؤتمرين (300) ثلاث مئة شخصٍ. حضرت وفود من الدول العربية التالية : ١- مصر. ٢- لبنان. ٣- سوريا. ٤- العراق. ٥- فلسطين. ٦- المغرب. وضم الوفد العراقي وكان برئاسة العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري عضو المجمع العلمي العربيّ بدمشق وعضو لجنة التأليف والترجمة (كانت نواة للمجمع العلمي العراقي فيما بعد) . كلا من : الدكتور جواد علي سكرتير لجنة التأليف والترجمة. الأستاذ إبراهيم شوكت (الدكتور ابراهيم شوكت استاذ الجغرافية في كلية الاداب جامعة بغداد فيما بعد) الأستاذ المساعد بدار المعلمين العالية. الأستاذ محمد ناصر (الدكتور محمد ناصر التربوي الكبير ووزير التربية السابق ) الملحق الثقافيّ بالمفوضيّة العراقية بالقاهرة. كان من المقرر مشاركة الأستاذ منير القاضي عميد كلية الحقوق وحرمه للمؤتمر، لكنّه تخلّف عن الحضور. وهذه اسماء من شارك من العراقيين : ١- السيدة صبيحة المقدادي شوكت ثانوية الأعظمية للبنات. ٢- السيد عبد الرحمن البزاز (الاستاذ عبد الرحمن البزاز رئيس وزراء العراق فيما بعد) حاكم محكمة بداءة بغداد. ٣- الآنسة بهيجة محمد رؤوف القطان مدرسة متوسطة البتاوين - بغداد ٤- الآنسة جولي متري حاج وزارة المعارف العراقية. ٥- الآنسة مهيبه برباري وزارة المعارف العراقية. ٦- لندا عازر كرم وزارة المعارف العراقية. ٧- السيد خلدون الحصريّ (الدكتور خلدون ساطع الحصري المؤرخ العراقي) ٨- السيدة حرم الأستاذ سعيد فهيم بك ٩- الآنسة فيكتورين ميخائيل خمو طالبة بمعهد الملكة عالية - بغداد. وألقى العلامة الاستاذ محمد بهجة الأثـــريّ كلمة العراق في الحفل الافتتاحي للمؤتمر وأيضاً في ختامه. وقد تم اختيار العلّامة محمد بهجة الاثريّ رئيساً للجنة اللغة والقواعد. من الجميل ان وقائع المؤتمر الثقافي الاول الذي انعقد في بيت مري بلبنان من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر سنة 1947 ، صدرت عن جامعة الدول العربية في كتاب حمل عنوان ( المؤتمر الثقافي العربي الاول المنعقد تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية في بيت مري - لبنان 1947 من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر 1947 -القاهرة ) وقد طبع الكتاب سنة 1948 في (مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ) . مندوب جريدة (الزمان ) البغدادية وكما هو منشور في العدد الصادر يوم 24 ايلول - سبتمبر 1947 ، التقى العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري وسأله عن اهمية المؤتمر فقال الاستاذ الاثري :" أرى ان هذا المؤتمر ،كان الحجر الاساسي الاول لاقامة صرح جديد للثقافة العربية على امتن الاسس واقواها ،والاتجاه بها الى القومية الصحيحة الرصينة وتكوين الفكر العربي المستقل بوعيه والمتميز بخصائصه ..." . كان الاستاذ محمد بهجت الاثري قد القى كلمة ضافية في المؤتمر قال فيها :" تحية العراق الى الوطن العربي الاكبر من البصرة وتخوم طوروس الى ضفاف الاتلنتيك ،والعراق كان ومابرح ولن يبرح الى مايشاء من تلك المراكز العربية الاصيلة الملامح والسمات التي بحمل ابناؤها في الحواضر والقرى والارباض والارياف انبل العواطف واسمى المشاعر لكل قطر عربي حيث كان ولكل ماهو عربي وفي كل زمان ومكان ..." . كان في المؤتمر ، ثمة لجان منها لجنة الادب ، ولجنة اللغة والقواعد وترأس لجنة اللغة والقواعد الاستاذ محمد بهجت الاثري في حين تولى الاستاذ اسحاق موسى الحسيني ومن اعضاء اللجنة الاستاذ خليل السكاكيني والاستاذ عبد الله المشنوق . وفي حفل الافتتاح توالت كلمات الافتتاح وكان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري من بين الذين القوا كلمات الى جانب رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري والاستاذ حميد فرنجية والاستاذ احمد امين والدكتور قسطنطين والاستاذ اسماعيل القباني . كان مؤتمرا تاريخيا مهما .رحم الله من غادرنا وحفظ الباقين.

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...