الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

مصطفى عبد الله طه ودوره في بناء صناعة تنموية في العراق

الاستاذ مصطفى عبد الله طه القصار في شبابه

مصطفى عبد الله طه  ودوره في بناء صناعة تنموية في العراق

                    ا.د. إبراهيم خليل العلاف
             أستاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل

     للأخ الأستاذ مشعل حمودات ،فضل تذكيرنا بالأستاذ مصطفى عبد الله طه القصار  الموصلي وزير الصناعة  العراقي الأسبق الذي قضى مع المشير الركن عبد السلام محمد عارف رئيس جمهورية العراق في حادث سقوط طائرة في 13 نيسان سنة 1966 . ومصطفى عبد الله طه ،أحد الكوادر المهمة التي تحملت مسؤولية تعريق القطاع  الصناعي البتر وكيماوي  في العراق وتطويره ، منذ انتهاءها من الدراسة في خارج العراق وعودتها وهي محملة بهموم الوطن والأمة .
    في كتابه الموسوم : " سيرة وذكريات العمل لتطوير القطاع النفطي " قال الأستاذ مشعل حمودات أن الأستاذ مصطفى كان صديقه الحميم منذ سنوات الدراسة في إعدادية الموصل، ثم في الولايات المتحدة الأميركية  حيث درسا .وقد عملا سوية في مصلحة مصافي النفط الحكومية مهندسين، ثم نقلت خدماته إلى وزارة الاعمار ثم إلى وزارة الصناعة عند استحداثها سنة 1959 .وفي سنة 1963 عمل مديرا عاما للتصميم والإنشاء الصناعي ، ووكيلا لوزارة الصناعة، فعضوا متفرغا في مجلس التخطيط ،وأخيرا وزيرا للصناعة منذ 6 أيلول 1965 حتى وفاته في الحادث المذكور .
   ولد مصطفى عبد الله طه في محلة عبدو خوب بالموصل سنة 1929. وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والإعدادية فيها ،ورشح للبعثة العلمية لدراسة هندسة النفط في الولايات المتحدة الأميركية على حساب وزارة المعارف ( التربية ) سنة 1948 والتحق بمدرسة كولورادو للمناجم في مدينة كولدن وحصل على شهادة مهندس متخصص بتصفية النفط سنة 1952 .وقد عمل قبيل عودته إلى الوطن في إحدى المصافي النفطية الأميركية فأكتسب بعضا من الخبرة العملية  .وعندما عاد إلى العراق  عين مهندسا  في مصلحة مصافي النفط الحكومية ثم نقلت خدماته إلى وزارة الاعمار  . وفي وزارة الاعمار  بدراسة تقرير اللورد سولتر البريطاني حول تنمية العراق وتطويره صناعيا .وكذلك وقف عند تقرير شركة ارثر دي ليتل الأميركية الذي قدمته بناء على تكليف من مجلس الاعمار والذي تضمن مسحا للصناعات المقترح اقامتها في العراق وخاصة الصناعات الكيمياوية والبتروكيمياوية والصناعات الهندسية وصناعات مواد  البناء .
     وتدل الوثائق المعتمدة انه أولى اهتماما  خاصا باستخدام التكنولوجيا الحديثة في توليد الكهرباء في العراق خاصة من السدود .لذلك اختاره السيد ناجي طالب ،وكان وزيرا للصناعة ، في سنة 1963 مديرا عاما للتصميم والإنشاء الصناعي .كما صدر قرار بتعيينه عضوا في لجنة رسم سياسة العراق النفطية والتي ضمت كلا من الدكتور خير الدين حسيب محافظ البنك المركزي والدكتور عبد العزيز الوتاري وزير النفط والأستاذ أديب الجادر نقيب المهندسين .وفي سنة 1964 أصبح الأستاذ مصطفى وكيلا لوزارة الصناعة .
     في كل مناصبه ،كان الرجل حريصا على بناء مؤسسات صناعية تنموية واسعة في العراق  .وقد قام بدور متميز في هذا المجال وشجع التعاقد مع الشركات الاستشارية الأجنبية لدراسة أسس القيام بنهضة في القطاع الصناعي العراقي .وقد تأسست العديد من المشاريع الصناعية المهمة بأشرافه منها معمل التاجي للغازات النفطية 1964 ومعمل استخلاص الكبريت من الغاز الطبيعي في كركوك .
     وفي سنة 1965 عين عضوا في مجلس التخطيط، ومجلس إدارة النفط 1963 وعضوا في هيئة المواصفات والمقاييس العراقية 1962 ومجلس إدارة مركز بحوث النفط في جامعة بغداد 1964  وتولى وزارة الصناعة أكثر من مرة  .كما كان عضوا في مجلس نقابة المهندسين .تولى وزارة الصناعة في حكومة عارف عبد الرزاق 6-16 أيلول 1965 وفي وزارة عبد الرحمن البزاز 7 أيلول 1965 -13 نيسان 1966 .
      كان الأستاذ مصطفى عبد الله طه عربيا قوميا اشتراكيا في توجهه السياسي .وقد انضم إلى الحركة الاشتراكية . وكان من زملائه في قيادة الحركة خير الدين حسيب ،وأديب الجادر، وخالد علي الصالح، ومشعل حمودات، وفيصل فهمي سعيد، وهاشم علي محسن وغيرهم .كما اختير الأستاذ مصطفى عضوا في قيادة الاتحاد الاشتراكي العربي الذي عقد مؤتمره الأول في 14 تموز 1964 .
     شارك في وفود رسمية كثيرة خارج العراق ،واسهم في نشاطات نقابة المهندسين العراقيين للفترة من 1959 وحتى 1966 .ومثل العراق في مباحثات مع جهات صناعية أجنبية حول إنشاء عدد من مشاريع التنمية في العراق ،وقلد أوسمة ونياشين ونال تكريمات وتقديرات من داخل بلده ومن الخارج فعلى سبيل المثال قلدته الحكومة الهولندية سنة 1964 وسام شرف تقديرا لجهوده في تطوير العلاقات بين العراق وهولندة .
      كان الأستاذ مصطفى عبد الله طه  أنسانا فاضلا ،ورجلا مخلصا لوطنه ..خبيرا بالتنمية الصناعية  .وخلال عمله كان حريصا على أن تكون المشاريع الصناعية في العراق رديفا مكملا للمشاريع العربية  . رحم الله وجزاه خيرا على ما قدم لوطنه وأمته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل قبل أيام نشرت مقالة عن أول مؤتمر ثقافي عربي عقد سنة 1947 ، وعن حضور العلامة المؤرخ العراقي الكبير الاستاذ الدكتور جواد علي وهو من اساتذتي درسني في الصف الاول في كلية التربية -جامعة بغداد سنة 1964 مادة (تاريخ العرب قبل الاسلام) ، وقد علق الاخ الاستاذ شهاب سالار الاثري على ما كتبته ، وقال ان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري اللغوي والمؤرخ والمحقق العراقي الكبير كان من اوائل الحاضرين في هذا المؤتمر وكان يمثل العراق وقد القى كلمة مهمة . يقول الاستاذ شهاب سالار الاثري بعد ان نقل تحيات الاستاذ يسار محمد بهجت الاثري :" الاخ الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف ، بعد ابداء مايليق بالجناب من اعطر التحيات واجملها فأني ارجو ان تكونوا بخير وصحة وعافية . قرأت مقالكم الفخيم حول المؤرخ الدكتور المرحوم جواد علي (رحمه الله). (ومشاركته في المؤتمر الثقافي العربي الأول) الذي انعقد سنة 1947 ويبدو لي ان الاستاذ حسام الساموك قد التبس عليه التاريخ وكتب سنة 1945 بدلاً من سنة 1947 ونشرها في مجلة افاق عربية ولربما أن الخطأ وقع من المطبعة . وتم انتخاب الأستاذ الأثري في هذا المؤتمر رئيساً للجنة اللغة والقواعد. وشارك المرحوم الاستاذ الدكتور جواد علي في القاء محاضرة عنوانها (الثقافة العربية ومقامها من الثقافات العالمية) .. . العراق شارك في اعمال هذا المؤتمر العتيد ..المؤتمر العربي الأول المقام على ارض لبنان برعاية رئيس جمهورية لبنان الشيخ بشاره الخوري في بيت مري للفترة من ٣ إلى ١١ أيلول - سبتمبر سنة ١٩٤٧م ، وعن اوليات عقد المؤتمر قال ان اللجنة الثقافية للجامعة العربية فكّرت بعقد أول مؤتمر عربيّ، وكانت أهم المواضيع المطروحة للبحث في: آداب اللغة العربيّة، والجغرافية والتاريخ، والتربية الوطنيّة. وما أن أُعلن عن المؤتمر حتى تقدّمت إليه الطلبات الكثيرة من شتّى الأقطار العربيّة من رجال ونساء وبلغ عدد المؤتمرين (300) ثلاث مئة شخصٍ. حضرت وفود من الدول العربية التالية : ١- مصر. ٢- لبنان. ٣- سوريا. ٤- العراق. ٥- فلسطين. ٦- المغرب. وضم الوفد العراقي وكان برئاسة العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري عضو المجمع العلمي العربيّ بدمشق وعضو لجنة التأليف والترجمة (كانت نواة للمجمع العلمي العراقي فيما بعد) . كلا من : الدكتور جواد علي سكرتير لجنة التأليف والترجمة. الأستاذ إبراهيم شوكت (الدكتور ابراهيم شوكت استاذ الجغرافية في كلية الاداب جامعة بغداد فيما بعد) الأستاذ المساعد بدار المعلمين العالية. الأستاذ محمد ناصر (الدكتور محمد ناصر التربوي الكبير ووزير التربية السابق ) الملحق الثقافيّ بالمفوضيّة العراقية بالقاهرة. كان من المقرر مشاركة الأستاذ منير القاضي عميد كلية الحقوق وحرمه للمؤتمر، لكنّه تخلّف عن الحضور. وهذه اسماء من شارك من العراقيين : ١- السيدة صبيحة المقدادي شوكت ثانوية الأعظمية للبنات. ٢- السيد عبد الرحمن البزاز (الاستاذ عبد الرحمن البزاز رئيس وزراء العراق فيما بعد) حاكم محكمة بداءة بغداد. ٣- الآنسة بهيجة محمد رؤوف القطان مدرسة متوسطة البتاوين - بغداد ٤- الآنسة جولي متري حاج وزارة المعارف العراقية. ٥- الآنسة مهيبه برباري وزارة المعارف العراقية. ٦- لندا عازر كرم وزارة المعارف العراقية. ٧- السيد خلدون الحصريّ (الدكتور خلدون ساطع الحصري المؤرخ العراقي) ٨- السيدة حرم الأستاذ سعيد فهيم بك ٩- الآنسة فيكتورين ميخائيل خمو طالبة بمعهد الملكة عالية - بغداد. وألقى العلامة الاستاذ محمد بهجة الأثـــريّ كلمة العراق في الحفل الافتتاحي للمؤتمر وأيضاً في ختامه. وقد تم اختيار العلّامة محمد بهجة الاثريّ رئيساً للجنة اللغة والقواعد. من الجميل ان وقائع المؤتمر الثقافي الاول الذي انعقد في بيت مري بلبنان من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر سنة 1947 ، صدرت عن جامعة الدول العربية في كتاب حمل عنوان ( المؤتمر الثقافي العربي الاول المنعقد تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية في بيت مري - لبنان 1947 من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر 1947 -القاهرة ) وقد طبع الكتاب سنة 1948 في (مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ) . مندوب جريدة (الزمان ) البغدادية وكما هو منشور في العدد الصادر يوم 24 ايلول - سبتمبر 1947 ، التقى العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري وسأله عن اهمية المؤتمر فقال الاستاذ الاثري :" أرى ان هذا المؤتمر ،كان الحجر الاساسي الاول لاقامة صرح جديد للثقافة العربية على امتن الاسس واقواها ،والاتجاه بها الى القومية الصحيحة الرصينة وتكوين الفكر العربي المستقل بوعيه والمتميز بخصائصه ..." . كان الاستاذ محمد بهجت الاثري قد القى كلمة ضافية في المؤتمر قال فيها :" تحية العراق الى الوطن العربي الاكبر من البصرة وتخوم طوروس الى ضفاف الاتلنتيك ،والعراق كان ومابرح ولن يبرح الى مايشاء من تلك المراكز العربية الاصيلة الملامح والسمات التي بحمل ابناؤها في الحواضر والقرى والارباض والارياف انبل العواطف واسمى المشاعر لكل قطر عربي حيث كان ولكل ماهو عربي وفي كل زمان ومكان ..." . كان في المؤتمر ، ثمة لجان منها لجنة الادب ، ولجنة اللغة والقواعد وترأس لجنة اللغة والقواعد الاستاذ محمد بهجت الاثري في حين تولى الاستاذ اسحاق موسى الحسيني ومن اعضاء اللجنة الاستاذ خليل السكاكيني والاستاذ عبد الله المشنوق . وفي حفل الافتتاح توالت كلمات الافتتاح وكان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري من بين الذين القوا كلمات الى جانب رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري والاستاذ حميد فرنجية والاستاذ احمد امين والدكتور قسطنطين والاستاذ اسماعيل القباني . كان مؤتمرا تاريخيا مهما .رحم الله من غادرنا وحفظ الباقين.

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...