الاثنين، 30 نوفمبر 2020

أبو غريب ...................في كتاب


 أبو غريب ...................في كتاب

اشعر بالسعادة كلما ارسل لي احد الاخوان ما الفه عن هذه المدينة او هذه القصبة أو تلك فالاهتمام بالتاريخ المحلي يجب ان يكون هاجسنا ويجب ان نوفر للاجيال الكثير من التدوينات عن المحافظات والاقضية والنواحي والقرى والبلدات والقصبات والبوادي والاهوار والسهول والجبال والهضبات في بلدنا لابل في وطننا العربي الكبير وهذا كتاب الاخ الاستاذ أحمد غازي السامرائي عن تاريخ ابو غريب وذكرياته فيها فبارك الله به وتمنياتي له بالتوفيق والبهاء والنجاح الدائم والكتاب صدر عن دار الحكمة -لندن وبطبعته الثانية..............ابراهيم العلاف

التاريخ المحلي وأهميته :تاريخ كركوك انموذجا

         القي محاضرتي في الساعة الثامنة مساء يوم الاحد 29-11-2020 في قسم التاريخ بكلية الاداب - جامعة كركوك عبر منصة زوم 
                                                 القي محاضرتي في جامعة كركوك مساء  29-11-2020
 

التاريخ المحلي وأهميته :تاريخ كركوك انموذجا


ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

اولا شكرا للأخ   الاستاذ الدكتور صباح احمد اسماعيل رئيس جامعة كركوك لرعايته النشاطات العلمية والثقافية في الجامعة  وشكرا للاخ الاستاذ الدكتور عمر نجم الدين انجه عميد كلية الاداب بجامعة كركوك على كلمته الرائعة وشكرا للأخ الاستاذ الدكتور دلشاد  عمر شواني رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب   جامعة كركوك على اتاحته هذه الفرصة لي للحديث في موضوع مهم وهو ( التاريخ المحلي ) واعتز بأنني عملت منذ اكثر من ربع قرن للاهتمام بالتاريخ المحلي من خلال الكتابة عن الموصل وما حدث فيها من تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية منذ اواخر القرن التاسع عشر .

وعندما ابتدأت الدراسات العليا في قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة الموصل كان التاريخ المحلي واحدا من دوائر اهتمامنا نحن لجنة الدراسات العليا وكثيرا ما كنت انبه اخواتي واخواني على اهمية التاريخ المحلي واقول لهم اننا يجب ان ننطلق في دراساتنا من مدينتنا الموصل ومن ثم تتسع الدائرة باتجاه العراق فالدول المجاورة والوطن العربي ومن ثم العالم سياسة واقتصادا وثقافة وعلاقات وهكذا كان الحال عندما وضعنا منهجا للدراسات العليا وكانت مادة التاريخ المحلي واحدة من اهتماماتنا .

التاريخ ليس هو تاريخ السياسة والسياسيين بل هو التاريخ الاقتصادي والتاريخ الاجتماعي والتاريخ الثقافي ، واود الاشارة الى انني اشرفت على عدد من رسائل الماجستير واطروحات الدكتوراه في موضوعات التاريخ المحلي واحمد الله ان الدائرة اتسعت ، والاهتمام ازداد واصبح لنا كم كبير من الدراسات التي تتناول التاريخ المحلي.

وحاليا ومنذ بضعة سنوات اقود حملة في الموصل للكتابة عن الارياف والقرى والقصبات والاقضية والنواحي التي تعود الى محافظة نينوى كما قدمت العديد من الحلقات التلفزيونية ضمن برنامجي (موصليات ) من قناة ( الموصلية الفضائية) عن القرى والقصبات والنواحي والاقضية التي تتألف منها محافظة نينوى .

ولم يقف الامر عند هذا الحد بل الفت كتابا عن مؤرخي المدن العراقية وهو الان في طريقه للصدور وقيد الطبع .

التاريخ المحلي او ما يسمى باللغة الانكليزية LOCAL HISTORY  واحد من ابرز ما يسمى بالتاريخ الجديد وقد تيسرت لي الفرصة ان ابشر بهذا اللون من الدراسة التاريخية في ندوة اقامتها كلية الآداب بجامعة بغداد  عن ترصين البحث التاريخي في العراق  يومي 3و4 نيسان 1993 وكان موضوع محاضرتي ايام كان يشرف على الندوة ويوجهها استاذنا الكبير الدكتور صالح احمد العلي ( حاجتنا  في العراق الى تاريخ جديد ) ولم يكن التاريخ الجديد الذي اعنيه غير التاريخ المحلي .

والتاريخ المحلي يواجه مشاكل عديدة لعل من ابرزها قلة المصادر وقلة من وثق للحياة المحلية سواء في الجوانب الاجتماعية والعادات والتقاليد ومميزات الشخصية او في الجوانب الاقتصادية من قبيل البيع والشراء والتبادل التجاري واوضاع التجارة والزراعة والصناعة في المدن والارياف والاقضية والقصبات والنواحي في السهول والاهوار والجبال والبادية والهضبات . في الشمال والجنوب في الشرق والغرب . او في الجوانب الثقافية من قبيل حركة الرسم او الصحافة او التعليم او الفنون وهكذا .

اذا نحن امام لون جديد من الوان الكتابة التاريخية ولا اقول اننا سوف لا نجد من كتب في التاريخ المحلي فلدينا والحمد لله عدد من الباحثين والمهتمين ممن كتبوا في تاريخ المحافظات او في تاريخ المدن او في تاريخ القصبات والقرى او حتى في تاريخ الاحياء السكنية وما شاكل ذلك .

فيما يتعلق بكركوك اتذكر اننا وبعد ان انجزنا (موسوعة الموصل الحضارية ) التي صدرت في جامعة الموصل سنة 1992 وصلتني دعوة من محافظة كركوك  قبل سنة 2003   للكتابة عن كركوك وكانت ثمة خطة لكتابة التاريخ المحلي لكركوك واسهمت انا في هذا المشروع لكنه تلكأ ومع اننا محظوظين بالنسبة لتاريخ كركوك فلدينا  قلة من المؤرخين الذين كتبوا عن كركوك وانا شخصيا كتبت عن كركوك ولي دراسات في هذا المجال لكن الاسهام الحقيقي الفعلي في مجال كتابة تاريخ كركوك هو للمؤرخ الكركوكي الكبير الاستاذ عطا ترزي باشي  1924 – 2016  واسمحوا لي ان اقف قليلا عند مجهوداته فأقول  أن عطا ترزي باشي 1924-2016
مؤرخ ، وكاتب ، وباحث ، وشاعر من كركوك ، ابتدأ الكتابة منذ اواسط الاربعينات من القرن الماضي ، وكانت كتاباته الاولى ، كما يقول صديقه ومجايله الاستاذ وحيد الدين بهاء الدين ، تنصرف لمتابعة موضوعات تتعلق بتراث كركوك ، وتاريخها ، ومبانيها ، ومدارسها ، وجوامعها ، وقشلاتها ( المدنية والعسكرية) من قبيل مقالاته عن ( حالة المدارس في كركوك) ، و (عمارات المعارف في كركوك) ، و ( جسر كركوك) ، و ( شركة النفط في كركوك) و ( قشلة كركوك القديمة) .
ولم يقف عطار ترزي باشي عند تلك الموضوعات ، بل اتسع اهتمامه ليتناول موضوعات تتعلق بجغرافية كركوك ، وتركيبتها السكانية ، واوضاع الصحافة والادب والفن فيها ، وقبل فترة خرج علينا بموسوعته الموسومة (شعراء كركوك) وكتابه ( التاريخ الشعري للعمارات والمؤسسات بكركوك) . ويقصد بالتاريخ الشعري هنا التأريخ بحساب الجمل المعروف في العصور الاسلامية .
ان عطا ترزي باشي ، في توثيقه لأصول كركوك وجذورها الضاربة في اعماق التاريخ والحضارة، وباللغتين العربية والتركمانية، يقول الاستاذ وحيد الدين بهاء :((أصيل أصالة كركوك كيانا ووجدانا وزمانا ومكانا ، واقعا وطابعا ، كركوك هذه الحاضرة التاريخية هي موطنه وموطن أبائه ، نبع الهامه ، يستمد منها القوة والقدرة ))، لذلك شغلت ( كركوك) مساحة واسعة في فكر وذهنية وهواجس هذا المؤرخ ، كما شغلت ( الموصل) من قبل فكر وذهنية وهواجس المؤرخ سعيد الديوه جي .
عمل عطا ترزي باشي في الصحافة ، وكتب لها منذ الاربعينات من القرن الماضي . وقد حظيت ( جريدة كركوك) بالقسط الاعظم من مقالاته ودراساته ، فلقد بلغ عدد ما نشره في هذه الجريدة ، على سبيل المثال ، (28) مادة باللغتين العربية والتركمانية . ولم تكن المقالات تقليدية ، وانما كانت متطورة تدعو الى التحديث والتغيير ، وتركز على ضرورة تطوير كركوك وتغيير احوالها العمرانية وجعلها مدينة تليق بتاريخها وارثها الحضاري الموغل في القدم .
بعد ثورة 14 تموز 1958 أصدر في كركوك ، وعدد من زملائه في الاشهر الاولى من الثورة ، جريدة جديدة باسم ( البشير)، وكان الى جانبه كل من حبيب الهرمزي، ومحمد الحاج عزت ،وجاء في ترويستها انها جريدة ادبية ثقافية ناطقة باللغتين العربية والتركمانية . وقد تولى عطار ترزي باشي تحرير القسم التركماني، وصدر العدد الاول من الجريدة في 23 ايلول 1958، وكان صاحب امتيازها ( محمد امين عصري) وسكرتير تحريرها عطا ترزي نفسه، ثم انضم الاستاذ الاديب وحيد الدين بهاء الدين الى هيئة تحريرها وكانت الجريدة تطبع في كركوك، وصدر منها (26) عددا خلال الستة اشهر التي اعقبت الثورة . وأولت الجريدة اهتماما بكركوك وتراثها وتاريخها ، لكنها نشرت مقالات لم ترض السلطة الحاكمة آنذاك، فصدر أمر الحاكم العسكري العام احمد صالح العبدي بأغلاقها . وفوق هذا تعرض رئيس تحريرها عطا ترزي باشي الى الاعتقال ثم اطلق سراحه بعد ذلك .. ويبدو ان التصاقه بهموم بني جلدته التركمان والتعبير عن مشكلات مدينته وشعبه وبلاده كانت وراء المشاكل التي تعرض لها .
مارس عطا ترزي المحاماة ، وتولى رئاسة ( غرفة المحامين) في كركوك التابعة لنقابة المحامين العراقيين فترة من الزمن .
ولد عطا ترزي باشي سنة 1924 ، واكمل دراسته فيها، ثم ذهب الى بغداد ودخل كلية الحقوق ( القانون حاليا) في جامعة بغداد وتخرج فيها .. ولم يمارس المحاماة بعد تخرجه كثيرا بل انغمس في عالم الصحافة والتأليف والبحث في التأريخ والتراث .
كتب الاستاذ نصرت مردان في الحوار المتمدن ( العدد 728) 29 كانون الثاني 2004 مقالا عن عطا ترزي بعنوان: ((عطا ترزي باشي (يوثق) تاريخ الطباعة والصحافة في كركوك 1879 ـ1985)) قال فيه ان الباحث القدير الاستاذ عطا ترزي باشي يعد مؤرخا رائدا، ومما كتبه ، مقالاته ودراساته ومؤلفاته التي وثق فيها لتاريخ الصحافة الكركوكية وبواكيرها الاولى ..
ولعل من اولى مقالاته في هذا المجال مقالته الموسومة : ((الصحافة عندنا)) في صحيفة الشورى يوم 22 تشرين الثاني 1947 ، وفي تموز 1952 كتب سلسلة مقالات عن ((تاريخ الصحافة في كركوك)) في جريدة كركوك . وخلال المدة من 1959 حتى 1963 ، كتب مقالات عديدة عن الصحافة الكركوكية في صحف ومجلات عراقية وعربية من ابرزها مقالته عن: (تاريخ الطباعة في كركوك) نشرتها له مجلة ( الثقافة الجديدة ) البغدادية يوم 1 كانون الاول 1962 و(تاريخ الصحافة في كركوك) نشرتها مجلة المكتبة التي كانت تصدر عن مكتبة المثنى ببغداد ( عدد حزيران 1963) . و( في تاريخ الرقابة على الصحف) التي نشرتها له (مجلة الحديث) السورية سنة 1959 .
كما اهتم عطا ترزي بالشعر والشعراء ، وفي موسوعته (شعراء اربيل في القرون الثلاثة الاخيرة) ، أرخ لسير وقصائد (48) شاعرا تركمانيا منهم الشعراء عبد الله افندي وعبدي ماثل وعبد الله نامي وغريبي يوسف افندي اربيللي ، وعبد الجبار كاني  ، وعبد الله غوثي، ويحيى نزهت ، وكمال صفوت ،ومحمد سعد بن محمد سعيد النقشبندي ، وابنه الشيخ علي، وابراهيم حقي حيدر ، ومحمد حمدي، ويونس ناجي، وصنعان احمد، ونسرين اربيل، وجرجيس باغجه جي، وعدنان قصاب  اوغلو، ومحمود قصاب اوغلو، وشمس الدين ولي، وعثمان اغا العثماني، وعبد الله ( قاصد)،وحافظ، واغا حاج قاسم دزدار، وخضر محمد، وسداد اربيللي، ومحمد حرابي ،وملا ياسين، واحمد ثريا، وعبد الرزاق اغا .
من كتب عطا ترزي باشي المنشورة ( موسوعة شعراء كركوك) كركوك شاعر لري (10 اجزاء) و (تاريخ الصحافة والمطبوعات في كركوك 1879 ـ1985 ) (كركوده باصين ومطبوعات تاريخي) ، وكتاب(اغاني كركوك ) (خويرات كركوك) ، وكتاب الامثال الشعبية في كركوك (كركوده اسيكر سوزي) وكتاب (الانغام الكركوكلية) ( كركوك هوالري) وكتاب (كركوده عماره وتأسيسلرك، منظوم تاريخلري، ( كركوك ،2005) . وليس من السهولة رصد كل ما كتبه عطا ترزي باشي فذلك يحتاج الى وقت وجهد وتخصص في علم المكتبات لكن جمع ما كتب يظل ضرورة يحتاجها الباحث وعسى ان يتصدى أحد تلامذته أو اصدقائه لهذا المشروع العلمي الكبير والذي نحا فيه عطا ترزي باشي نحو العلماء والمثقفين العراقيين الذين حرصوا على كشف مكنونات تاريخ وتراث بلادهم دون ان يكون لديهم اي هدف اخر فاستحقوا الذكر والتقدير .
لقد كرم الاستاذ عطا ترزي باشي مرات عديدة داخل بلده وخارجه وكان آخر ما كرم به منحه شهادة الدكتوراه الفخرية من( جامعة فوكتور) الاذربيجانية العالمية يوم 8 تشرين الاول 2007 تقديرا لما اسداه من خدمات للثقافة التركمانية خصوصا وللثقافة العراقية عموما .
توفي في كركوك بعد صراع طويل مع المرض يوم 31 آذار -مارت سنة 2016 .رحمة الله عليه وجزي خيرا على  ماقدم  لوطنه ومدينته .

 واخيرا اقول  هناك من كتب عن تاريخ كركوك  غير الاستاذ عطا باشي ترزي ويقينا اننا بحاجة الى رصد لما كتب ويقينا ان قسم التاريخ بكلية الاداب  بجامعة كركوك هو من يجب ان يقوم بعملية الجرد والرصد هذه لسبب بسيط وهو معرفة الثغرات  التي تعاني منها  الدراسات الكركوكية  التي لابد من السعي لكشفها ومن ثم الكتابة عنها واعتقد ان هذه المحاضرة يمكن ان تكون اداة  لتحفيز وحث من لديه الرغبة والهمة والارادة لاستكمال الكتابة في تاريخ كركوك القديم والوسيط والحديث والمعاصر .

شكرا لإصغائكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .  

الأحد، 29 نوفمبر 2020

الاستاذ لافي سلطان ..............مع اطيب التحيات


 


الاستاذ لافي سلطان ..............مع اطيب التحيات


تهاتفنا قبل يومين واستذكرنا ايام زمان وسألني وسألته وتحدث لي وتحدثت له الاستاذ لافي سلطان ابو علي من رجالات التربية والتعليم في الموصل
له اياد بيضاء على اجيال من التلاميذ والطلبة اصدقاءه كثر ومحبيه أكثر .وانا اكتب عن القرى وجدت انه عمل معلما ومديرا في مدارس كثيرة منها المستنطق وبادوش وفي داخل الموصل وكان مهتما بالتربية الرياضية تحياتي له واعتزازي به له العمر المديد والبركة والعافية ..الدكتور ابراهيم العلاف 29-11-2020

عمر الطيب يكتب عن الصادق المهدي: الديمقراطي والمثقف المستنير*

                                                                        الصادق المهدي
 

عمر الطيب يكتب عن الصادق المهدي: الديمقراطي والمثقف المستنير*
مقال جميل كتبه الاستاذ عمر الطيب عن الفقيد الصادق المهدي والمقال بعنوان ( الصادق المهدي :الديموقراطي والمثقف المستنير ) ونشر المقال على موقع BBC يوم 28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 وفيه قال ان الصادق المهدي الشخصية السودانية الكبيرة لعب دوراً محوريا في الحياة السياسية السودانية لأكثر من نصف قرن تولى رئاسة حزب الأمة سنة 1964 أربعة وستين وهو في التاسعة والعشرين ومن ثم رئاسة الوزارة وهو في الثلاثين منازعاً عليها السياسي البارع محمد أحمد محجوب، الخطيب والشاعر والسياسي والمهندس والمحامي المعروف.
اتسمت حياة الصادق المهدي بالاصرار على الرأي و التمسك به مهما وصف بالتناقض وإثارة الجدل ومهما وجه إليه من انتقاد وإساءات طالته حتى وهو على فراش المرض ولم يتوقف سيل الانتقادات له إلا بعد أن اشتدت عليه العلة. وعندما وافته المنية حزن عليه منتقدوه مثلما حزن عليه أنصاره ومحبوه مدركين الفراغ الكبير الذي سيتركه رحيله، فقد كان يتوقع أن يلعب دورا محوريا في التحول الديمقراطي والمساهمة في إنجاح هذا التحول لاسيما وأن المشهد السياسي قد أصبح أكثر تعقيدا. ولا شك أن حزب الأمة القومي الذي تولى زعامته منذ الستينات وطائفة الأنصار التي انتخبته إماماً لها عام ألفين واثنين سيكونان الأكثر تضرراً جراء رحيله، فقد كان الرجل يقوم بأدوار كثيرة بقدرات ومؤهلات قل أن تتوفر في شخص بعينه.
ورغم أنه أرسى نظاماً مؤسسياً واختار عدداً من النواب له في قيادة الحزب وفي هيئة شؤون الأنصار إلا أن إيجاد خلف له سيكون من أبرز التحديات التي سيواجهها الحزب والهيئة بعد رحيله. وقد يتطلب الأمر الانتظار حتى تتهيأ إمكانية عقد مؤتمر عام لكل من الحزب والهيئة لاختيار من سيخلفه.
استمد الصادق المهدي تفرده من تمكنه من الجمع بين العلم الديني الذي تلقى أسسه في (الخلوة) كما يطلق على المدارس الدينية في السودان، والعلم الحديث الذي تزود به من المدارس التي التحق بها التي من بينها مدرسة كمبوني الكاثوليكية ومدارس الأحفاد وكلية فيكتوريا الشهيرة في الإسكندرية التي لم يكمل الدراسة بها وعاد إلى السودان للتركيز على اللغة العربية.
ثم التحق مستمعا بكلية العلوم بجامعة الخرطوم لمدة عام ، قبل الجلوس لامتحانات شهادة أكسفورد للمرحلة قبل الجامعية، ثم توج بعدها تأهيله الأكاديمي بالدراسة في جامعة أكسفورد التي حصل منها على بكالوريوس في الاقتصاد والسياسة.
ساهم هذا التحصيل العلمي، إضافة إلى شهيته المفتوحة للقراءة والإطلاع حتى أثناء فترات اعتقاله التي بلغت في مجملها تسع سنوات، في أن يصبح خطيباً ومحاضراً باللغتين العربية والإنجليزية، وعضواً في الكثير المنتديات الإقليمية من قبيل المنتدى العالمي للوسطية الذي أسسه وترأسه منذ عام ألفين وسبعة كما ترأس أيضاً مجلس الحكماء العربي لفض المنازعات وكان عضواً في المجلس العربي للمياه وعضواً في مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي ومقرها في عمان في الأردن، وعضواً في المؤتمر القومي الإسلامي في بيروت. أما دولياً فقد كان عضوا في اللجنة التنفيذية لنادي مدريد وفي المجموعة الاستشارية العليا الخاصة بمجموعة العمل الدولية للدبلوماسية الوقائية كما كان عضواً في فترة من الفترات في المجلس الاسلامي الأوروبي في لندن.
بلغت مؤلفات الصادق المهدي مئة تنوعت بين السياسة والدين والتاريخ ولديه كتاب عن الطرف والنكات. من أبرز هذه المؤلفات مسألة جنوب السودان ، وجهاد من أجل الاستقلال، ويسألونك عن المهدية، والعقوبات الشرعية وموقعها من النظام الإسلامي، والديمقراطية عائدة و راجحة، وتحديات التسعينات الذي كان لي شرف ترجمة أجزاء منه إلى اللغة الإنجليزية.
هذا غير المقالات التي كان آخرها مقاله البليغ عن مرضه ومعاناته. وكان رغم تدينه وإرثه الديني محباً للغناء والفن، ولا ينسى الناس أبداً -على سبيل المثال- رثاءه البليغ للمغني السوداني محمد وردي. ولن ينسى السودانيون له دفاعه عن الديمقراطية رغم اقترابه من نظامي جعفر النميري وعمر البشير . وعندما أصبح نجله عبد الرحمن مساعداً للبشير ، كان يقول إن ابنه حر ولا تزر وازرة وزر أخري. وأذكر أنه قال لي ذات مرة إنه ديمقراطي داخل بيته. وقد نجح نظام البشير في استقطاب عدد من قيادات الحزب وأحدث انشقاقات فيه حتى أصبحت هناك خمسة أحزاب أمة.
ورغم أنه تولى رئاسة الوزارة مرتين بلغ مجمل سنواته في المنصب أربعة فقط ، إلا أنه عاش معظم سنوات حياته معارضاً في المعتقلات أو في المنافي. واتسمت معارضته بالنهج السلمي في الغالب الأعم وهو الذي نحت مصطلح الهبوط الناعم في معارضته لحكم عمر البشير والإستثناء الوحيد كان في يوليو تموز عام 1976 عندما كان رئيساً للجبهة الوطنية التي شاركه قيادتها الشريف حسين الهندي وصهره حسن الترابي حين دبروا هجوماً شنه مسلحون تدربوا في ليبيا واثيوبيا على نظام جعفر نميري، وباءت المحاولة بالفشل في الإطاحة بالنميري ، انتهت بعقده صلحاً مع النميري عام 1977.
ومن الأشياء التي لن تنساها له نساء حزبه تمكينه للمرأة والدفع بها إلى مواقع قيادية رائدة في حزب أسس على العقيدة، فقد اختيرت في السنوات الأخيرة ابنته مريم لتكون من بين نوابه، كما اختيرت سارة نقد الله أميناً عاماً للحزب. ولن تنسى له الناشطات السودانيات قوله إن حقوق المرأة المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية لا تتعارض مع الفهم المستنير للدين.
على الصعيد العربي لن ينسى له الفلسطينيون والقوميون العرب موقفه الرافض للتطبيع بين السودان وإسرائيل الذي سارت في ركابه وأيدته أحزاب سياسية سودانية عديدة فيما عدا الأحزاب القومية العربية واليسارية.
ومن الأشياء التى لاتنسى له قدرته على التسامح وتجاهل منتقديه الذين كان يتهمونه بالتناقض لأنه كما قال بعضهم كان يحاول دائماً الجمع بين ما تلقاه في أكسفورد وبين ما تلقاه من طائفة الأنصار والإرث الديني، وإنه كثيراً ما يجد نفسه في صراع وتناقض بين هذين النهجين. بينما كان يجادل هو بأنه توصل إلى توليفة بين المنهجين ليس فيها تناقض ويستشهد غير آبه بكلامهم وانتقاداتهم بقول إيليا أبي ماضي:
إن نفساً لم يشرق الحب فيها
هي نفس لا تدري مامعناها
أنا بالحب قد وصلت إلى نفسي
وبالحب قد عرفت الله.
_______________________________________________
٢

السبت، 28 نوفمبر 2020

وفاة الاستاذ الدكتور علي المياح 1926-2020

                           الاستاذ الدكتور علي المياح عالم الجغرافية العراقي الكبير 
 

وفاة الاستاذ الدكتور علي المياح 1926-2020

وأنعي اليكم عالم الجغرافية العراقي الكبير استاذنا الجليل الاستاذ الدكتور
علي محمد عباس المياح الذي توفي أمس الجمعة 27-11-2020 عن عمر ناهز ال ( 95) سنة .والاستاذ الدكتور علي المياح من مواليد البصرة يحمل شهادة الدكتوراه من جامعة ايوا في الولايات المتحدة الامريكية سنة 1958 وتخصصه الجغرافية الزراعية . ليسانس جغرافية من جامعة الاسكندرية في مصر سنة 1951 وماجستير جغرافية من جامعة كلارك بالولايات المتحدة الامريكية عضو في الجمعية الجغرافية العراقية وفي اكاديمية العلوم الوطنية الامريكية وهو من اسهم في تطوير علم الجغرافية وكان مهتما بالبحث الجغرافي الاحصائي .عمل رئيسا لقسم الجغرافية في كلية الاداب -جامعة بغداد 1968-1970 كما عمل عميدا لكلية الاداب بجامعة الشارقة بالامارات العربية المتحدة .
من مؤلفاته : ( تغيّر الإنتاج الزراعي في جنوب العراق) ، 1976 ، الجغرافيّة الزراعيّة ، 1973م ، الجغرافية المعاصرة في الفكر الجغرافي ، 1983م ، الفكر الجغرافي 1983 - العراق ـــ دراسة في الجغرافيّة السياسيّة ، 1993م ، وصايا الحرب في التراث 1986 وله كتاب باللغة الانكليزية بعنوان ( المكانة الاجتماعية والاقتصادية للباحث العلمي في المجتمع العربي ) وله عدد من الكتب المنهجية التي كانت تدرس في اقسام الجغرافية في الجامعات العراقية والعربية كتب عنه الاستاذ حميد المطبعي في (موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين ) ترجم الاستاذ الدكتور علي المياح عددا من الكتب منها كتاب روبر شاماك رومر الموسوم : (أطراف بغداد : تاريخ الاستيطان في سهول ديالى ) . وراجع كتاب وليم دي ثورنبري ( اسس الجيمورفولوجيا ) الذي ترجمه الدكتور وفيق الخشاب وله كم كبير من البحوث والمقالات والدراسات والتي تدور حول الخليج العربي دراسة في جغرافية السوق - والعراق ودول جنوب شرق اسيا .وكان يتردد في اخريات ايامه على مؤسسة بيت الحكمة ببغداد ويشارك في فعالياتها .
أُعزي بوفاته اهله وطلبته ومحبيه وانا لله وانا اليه راجعون ................ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل 28-11-2020


وفاة الاستاذ الدكتور خاشع المعاضيدي

                                                   الاستاذ الدكتور خاشع عيادة المعاضيدي 


وفاة الاستاذ الدكتور خاشع المعاضيدي
أنعي اليكم الاخ والصديق والزميل المؤرخ العراقي الكبير الاستاذ الدكتور خاشع عيادة المعاضيدي الذي توفاه الله اليوم السبت 28-11-2020 عن عمر ناهز ال (83) عاما وآخر مرة التقيته في السنة الماضية في مؤتمر باربيل . رحمه الله وجزاه خيرا على ماقدم والاخ الاستاذ الدكتور خاشع المعاضيدي من مواليد مدينة (عانة ) بمحافظة الانبار .دكتوراه في التاريخ الاسلامي -جامعة القاهرة من كتبه (دولة بني عقيل في الموصل ) وهو اطروحته للدكتوراه نشره سنة 1961 عمل بوظائف عديدة منها عميد الطلبة والشباب 1970 وعميد كلية التربية - ابن رشد 1975 والمستشار الثقافي العراقي في القاهرة ومن كتبه (الحياة العباسية في بلاد الشام ) و(الغزو الصليبي للوطن العربي ) وعبد الرحمن الداخل امير الاندلس . مؤرخ ثبت ومحاضر متميز وانسان نبيل واصيل . أُعزي بوفاته اهله وعشيرته وطلبته وانا لله وانا اليه راجعون .................ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل 28-11-2020

 

كرمليس ............. مدينة الجمال في سهل نينوى ا.د. ابراهيم خليل العلاف



                                                                          كنيسة القديسة بربارة



                                                                   بيت القس اسحق كدو 
                                                                            الالهة القابلة


                                                                          قنطرة في كرمليس

                                                                بيت في كرمليس


                                                                      مزارالقديسة بربارة

كرمليس ............. مدينة الجمال في سهل نينوى



ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل



ومن اقضية محافظة نينوى (قضاء الحمدانية ) ومركزه بغديدا أو قرقوش يقع جنوبي شرقي مدينة الموصل بقرابة (25) كيلومترا وعن قصبة برطلة تبعد بنحو (5) كيلومترا وعن قره قوش بنحو (4) كيلومترا وعن النمرود (كالح ) الاثرية بنحو (22) كيلومترا . وهي قريبة من الطريق الذي يربط بين مدينتي الموصل واربيل .وفي القضاء نواح هي ناحية برطلة وناحية النمرود . ومن قرى قضاء الحمدانية (كرمليس ) وهي واحدة من بين (32) قرية تتبع قضاء الحمدانية .

وكرمليس أو كرملش بالسريانية بلدة جميلة هي اكبر من قرية وسكانها من المسيحيين اتباع الكنيسة الكلدانية كما ان فيها قليل من الشبك .

ومما يلحظ على كرمليس من الناحية الطوبوغرافية اي من ناحية الجغرافية الطبيعية انها بلدة تجثم فوق هضبة اثرية تاريخية واسعة تعلو على السهل الذي يحيط بها وترتفع عنه بحوالي (5-10) مترا وتحيط بها العديد من التلال الاثرية المعروفة ويقينا ان كرمليس او كرملش بلدة آشورية وهذه حقيقة لايجادل فيها احد ومن التلول التي توجد حولها (تل غنم) الاثري ويقع الى الشمال منها و(تل بربارة) هذا فضلا عن كثير من الاثار التي كانت تسمى بالخرائب ومنها مثلا (خربة عيسى) وتقع الى الشرق من قصبة كرمليس وتلال (خاتون خمرة ) و(مرتفعات بيرشير ) و(تل ربان يوخنا ) و(تل بيسدي ) و( تل عروي ) وهكذا فان كرمليس تقع في منطقة اثرية واهلها كثيرا ما يعثرون على قطع فخارية تنتشر في المنطقة .



وفي المدونات التاريخية ما يشير الى ان عالم الاشوريات البريطاني ( رولينصون ) كان من اوائل الاثاريين الذين كتبوا عن كرمليس واشاروا اليها وكان هذا من خلال ما عثر عليه لايارد الاثاري البريطاني الكبير من الالواح الفخارية التي عثر عليها خلال عمله في الموصل في القرن التاسع عشر وثمة ملاحظة ان رولنصون لم يعطنا تفسيرا لموقع كرمليس لكنه قال انها تعد مدينة دينية كانت مكرسة لعبادة أحد الالهة الاشوريين .

وكرمليس بلدة قديمة عريقة لها تاريخ وتاريخ ثر يعود الى اكثر من سبعة الاف سنة وقد ورد ذكرها في كثير من المدونات التاريخية القديمة والوسيطة والحديثة وهي مركز ديني كما انها مركز ثقافي وتجاري كانت في العصور الوسطى اي منذ القرن الخامس الميلادي الى القرن الخامس عشر الميلادي مركزا للبطرياركية لكنها ككل بلدات وقصبات الموصل تعرضت لكثير من الاحداث في القرن الثالث عشر واقصد الغزو المغولي وما بعده غزو القبائل البدوية التركمانية وحكم الجلائريين والفرس الصفويين والعثمانيين لكنها ظلت تقاوم التحديات مع انها تعرضت لكثير من التدمير والتخريب وخاصة خلال فترة سيطرة القائد المغولي تيمورلنك 1393-1403 ميلادية .

كانت كرمليس ولازالت محط انظار الرحالة والمستشرقين والاثاريين ذلك ان اسمها ارتبط بالكثير من المعارك والحملات الكبرى في التاريخ ومنها مثلا حملة داريوس دارا الاول (485 ق.م) وداريوس دار الثالث والاسكندر الكبير (331 ق.م)، وحملة الامبراطور الروماني طرايانوس للشرق (114م) وغزوات المغول (1236م) وغزوة نادر شاه (1743م)، وغيرها. وكل من كتب عنها أكد انها بلدة آشورية عريقة .

في كتابه ( منية الادباء في تاريخ الموصل الحدباء ) ذكرها المؤرخ الموصلي نن القرن 19 الميلادي ياسين بن خير الله الخطيب العمري فقال ان من اعمال الموصل بعد فتحها على ايدي العرب المسلمين سنة 16 هجرية – 637 ميلادية نينوى وكرمليس وباجرمي وباعذرا .وقال ايضا: " كرمليس قديمة شبيهة بالبلد ولها سوق عامر وتجارة كثيرة الغلات " .ويبدو ان العمري اقتبس هذا من كتاب (معجم البلدان ) للبلداني العربي ياقوت الحموي .

اما جمال بابان المحامي فقال عن كرمليس في الجزء الاول من كتابه ( اصول اسماء المدن والمواقع العراقية ) انها " بليدة من شرق الموصل على بعد 16 ميلا منها تابعة الى الحمدانية يسكنها (2000) نسمة طبعا هذا كلام يرجع الى الستينات اهلها من المسيحيين ولغتهم السورث والسورث السريانية الجديدة ولكرمليس ذكر في المصادر القديمة قال ياقوت الحموي البلداني العربي صاحب كتاب (معجم البلدان ) (كرمليس كأنها مركبة من (كرم وليس) قرية من قرى الموصل شبيهة بالمدينة من اعمالها نبنوى في شرقي دجلة .. وفيها سوق وحمامات مشهورة وبيوتها مثل بيوت الموصل واهلها كلهم نصارى ، وذكرها حمد الله المستوفي القزويني .وقد عانت كرمليس ماعانت أيام الغزو المغولي كما قال ابن العبري في اخبار سنة 633 هجرية اي 1235 ميلادية واورد عمر بن متي قصة طويلة جرت حوادثها في كرمليس في ايام الجاثليق ايشوعياب الخامس البلدي المتوفى سنة 1175 ميلادية .وفي ايام الجاثليق سبريشوع بن المسيحي جرت ملحمة عظيمة في اربيل وكرمليس سنة 1236 ميلادية ونوه القلقشندي صاحب كتاب ( صبح الاعشى ) بكرمليس وذكرها المؤرخ السمعاني فقال انها مدينة في حدود آثور ومادي وفي كرمليس ثلاث كنائيس وهي كنيسة ماركوركيس وكنيسة بربارة وكنيسة الطاهرة وورد اسم كرمليس في مؤلفات الرحالة وعلماء الاثار والتاريخ منذ القرن الثامن عشر منهم نيبور والمنشئ البغدادي وكلوديوس جيمس ريج وجون استون لايرد ورولنصون وبلاس" .

اما لماذا سميت كرمليس بهذا الاسم فالجواب على ذلك هو ان كلمة كرمليس كلمة اكدية وهي (كار – مليسي) (Kar – Mulissi) أي (مدينة الجمال) ويبدو ان التسمية اطلقت عليها ابان سيطرة الاكديين على البلاد الاشورية خلال حكم ملكهم سرجون الاكدي (2371-2316 ق.م) .يقول الدكتور عامر عبد الله الجميلي استاذ الاثار القديمة في جامعة الموصل :" ان رمز الإلهة ننليل_NINLÍL ( الصيغة باللغة السومرية ) ، زوجة الإله إينليل_ENLÍL ، ويعني إسمها : (سيدة الهواء والخصوبة والولادة ) ، وكان من بين وظائفها الرئيسية هي (التوليد أي القابلة ) ، و عرفت باللهجة الآشورية الأكدية بصيغة مولّيسّي_mulissi وأن ( كار موليسي) جاءت من صيغة ( مولّيسّي_mulissi) ، ومنها جاءت تسمية (كرمليس ) وهي : مدينة الإلهة ننليل ( مولّيسي ) ( كرمليس - حالياً - شرقي نينوى . وظهر رمز هذه الإلهة في المشاهد الفنية ، والنحتية الرافدينية مرتبطاً بالنخلة والتوليد والرحم" .

ويقول الباحث الاستاذ قصي يوسف مصلوب :" كرمليس او (كار مليسو ) ، او ( كرمش) او ( اير ايلو بانو) اسماء اشورية كثيرة لبلدة عريقة كان لها شان عظيم في العصور الأشورية الثلاثة فهي المدينة المقدسة لديهم وأهل كرمليس بعد مضي ثلاثة وأربعين قرن من تسميتها لايزالون يلفظون اسمها كالسابق ( كار ملش) أي ( مدينة مليسو أو مليشو ) وتعود هذه التسمية للسنة 2376 ق م."

في احصاء سنة 1957 وهو احصاء سكاني مهم في تاريخ العراق الحديث كان عدد نفوسها (1876 ) نسمة ومع انها واجهت عهودا نزح فيها الكثير من سكانها الا انها كانت تضم قرابة ال ( 7000) نسمة ونفوسها قدر سنة 2008 بما يقارب ال(5000) نسمة يعيشون بأمن وسلام خاصة بعد تحريرها من سيطرة عناصر داعش على الموصل 2014-2017 .

في بلدة كرمليس العديد من الاديرة والكنائس .فمن الاديرة : دير مار كوركيس – دير مار يونان – دير مار يوحنا – دير بنات مريم .ومن الكنائس (كنيسة الاربعون شهيدا - كنيسة القديسة بربارة – كنيسة مريم العذراء – كنيسة مار أدي الرسول) . كتب عنها الاستاذ حبيب حنونا كتابا بعنوان ( تاريخ كرمليس ) طبع اكثر من مرة آخرها سنة 2010 كما كتب عنها الاستاذ بهنام سليمان متي ايضا مقالا متوفرا على شبكة المعلومات العالمية (الانترنت) .وورد ذكرها في عدد من المدونات الورقية والالكترونية وبأكثر من لغة منها العربية والسريانية والانكليزية .

تتوفر اليوم في كرمليس كل مرافق المدينة الحديثة من دور سكنية قديمة مبنية بالجص والحجر واخرى حديثة مبنية بالسمنت والحديد وفيها اسواق قديمة وازقة ودرابين وفيها شوارع حديثة ومولات ونواد رياضية وفرق رياضية ومنتديات ثقافية ، ورياض للاطفال ومستوصف كرمليس (في السبعينات من القرن الماضي كان يعمل به مجدي منصور نوح قاشا) ومدارس ابتدائية ومتوسطة واعدادية ومجلس لوجهاء واعيان كرمليس ومراكز لخدمة الانترنت ولابد ان نشير الى ان احد المتبرعين ممن كانوا يعيشون في خارج العراق وهو الاستاذ سركيس اغا جان ، قدم لكرمليس الكثير من الانجازات في هذا المجال ففضلا عن ما ذكرنا بنى في كرمليس مركزا لخدمات الانترنت وناديا ثقافيا بمساحة (2000) متر مربع وبناء مقبرة بمسافة (3) دونم وانشاء دار للتعازي وروضة للاطفال ودار لمجلس الاعيان والوجهاء في القصبة وقام ايضا ببناء (50) شقة للوافدين ورمم كنيسة مار كوركيس واشترى ارضا لتكون مبنى للنادي الرياضي واهل دير الراهبات القديم ورمم وجهز دير الراهبات الجديد ورمم كنيسة مار ادي وجهزها ما تحتاجه من اجهزة تكييف واعاد بناء المكتبة القديمة واثثها ورمم مزار وكنيسة الشهيدة بربارة ووسعها وانشأ جسرا حديديا للمشاة ليسهل العبور لاهل القرية الى مزار القديسة بربارة وبنى ( 20) لدارا لاسر من الارمن .واهتم بعيادة السلام وجهزها بالادوية واضاف شبكة انابيب صالحة للشرب في القصبة القديمة بمسافة (500) متر طولا ونصب مضخة ماء اضافية لضخ الماء من قره قوش الى القصبة وصب شارع يربط القصبة القديمة بحي الشهداء وبطول (80) مترا .ووزع مستحقات شهرية الى (122) عائلة نازحة وتولى طبع مجلة ( الكرمة ) ورمم واثث دار المطران والاباء الكهنة وجهز جوقة موسيقى مركز مار يوسف الثقافي باجهزة التكييف كذلك خصص رواتب للعاملين في حملات التنظيف وابتاع كراس للمعوقين وجهز بعض المدارس بالمستلزمات التي تحتاجها وحفر بئرا في دير الراهبات لخدمة بنات القديسة حنة واشترى الكثير من المولدات الكهربائية باحجام مختلفة ووزعها على الكنائس والهيئات والمجامع الخيرية والثقافية والرياضية والدينية .وفوق هذا اشترى العديد من الباصات والسيارات لنقل الطلبة والبنات الايتام والهيئات الخيرية والكنائس .

يقول الاب ثابت حبيب كاهن رعية كرمليس وهو يتحدث عن كرمليس في 15 من تموز سنة 2017 :" كرمليس بلدة مسيحية كلدانية تقع شرق مدينة الموصل (25) كم. وفيها خورنة مار ادي – كرمليس. تحوي البلدة عدة كنائس ومزارات قديمة يعود اقدمها الى القرن السادس – كنيسة مار كوركيس وكنيسة القديسة بربارة. تميزت بالنشاط الكنسي والاجتماعي والثقافي، كما تعتبر على مر العصور محافظة على تقليد وطقوس ولغة كنيسة المشرق. في الاحصاء الكنسي لسنة 2011 كان عدد العوائل المسيحية في البلدة ( 820) أي ما يقارب ال (3000 ) نسمة. سقطت بيد عصابات داعش يوم 6/8/2014. هجرها اهلها مرغمين نحو بغداد واقليم كوردستان. وبلغ عدد العوائل التي هاجرت الى بلدان الجوار والغرب بسبب التهجير القسري هو ما يقارب ال ( 200 ) عائلة. أما عدد العوائل الباقية في كرمليس هو نحو ( 600 ) عائلة، تنتظر اعمار البلدة واستقرار الوضع الامني والخدمي من اجل العودة وقد شكلت البطريركية لجنة برئاسة الاب ثابت حبيب وشرعت بترميم عدد من البيوت وهي بانتظار انتهاء السنة الدراسية لتتمكن العائلات من العودة الى بلدتهم الحبيبة" .

الف عنها الكاتب حبيب حنونا كتابا بعنوان ( تاريخ كرمليس ) طبع اكثر من مرة آخرها سنة 2010 كما كتب عنها الاستاذ بهنام سليمان متي وكتب عنها كثيرا ولايزال يكتب الاخ الاستاذ قصي يوسف مصلوب وآخرون .

في سنة 1850 كان الياس بن خوشابا بن عبدال مختارا لبلدة كرمليس .

انجبت كرمليس الكثير من الشخصيات الذين اسهموا في بناء العراق وتكوينه في كل مجالات الحياة السياسية والادارية والعسكرية والتعليمية والطبية والثقافية حال مدن العراق الاخرى وقصباته واقضيته ونواحيه وقراه.

ويقينا ان المسؤولين في محافظة نينوى مدعون للاهتمام بها وتقديم افضل الخدمات لأهلها في المجالات الصحية والادارية والبلدية والتربوية والتعليمية .









 



 

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...