الأحد، 17 مايو 2020

السياسة ...............بقلم : ا.د. ابراهيم خليل العلاف



السياسة

ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل


السياسة كلمة تتردد على أسماعنا مرات عديدة في اليوم . والسياسة هي ما نكتوي بنارها ، وبنار السياسيين ليل نهار حتى ان كثيرا منا بات يكره السياسة والسياسيين ويلعنها صباح مساء مع ان السياسة هي ( فن القيادة) ، والسياسي هو من يقود ، وهو من نذر نفسه لخدمة اهله وشعبه وعندما يكون السياسي معروفا بالنظافة ، والاخلاص فالسياسة شيء سام وعندما يكون السياسي فاسدا وسارقا ؛ فالسياسة شيء وضيع .
لكن اسارع فأقول ، ان الحياة لايمكن ان تعاش بدون سياسة ؛ فالسياسة كما قلت فن القيادة ، والناس لايمكن ان يحكموا جميعهم بل لابد ان يُخولوا من ينوب عنهم في الحكومة ، والبرلمان ، ومن ينوب عنهم في الحكومة والبرلمان هو السياسي الذي إنتخبوه ، ووضعوا ثقتهم فيه وينتظرون منه ان يقدم لهم كل ما يفيدهم ويكون لهم صوتا صادقا .
والسياسة لغة من ساس يسوس ، ويسوس أي يقود ويسوس الناس والرعية أي يقود الناس .. والسياسة اصطلاحا تعني رعاية شؤون الناس وتوجيهها الوجهة الصحيحة في الاقتصاد والادارة والقضاء والتعليم والجيش وغير ذلك من أمور الحياة .
وهناك علم خاص يدرس في الكليات والمعاهد والجامعات هو علم السياسة . وعلم السياسة يهتم بتقسيم السلطات في المجتمع ، فهناك السلطة التشريعية اي البرلمان والمجالس التمثيلية ، وهناك السلطة التنفيذية أي الوزارة أو الحكومة ، وهناك السلطة القضائية أي المحاكم ، وهناك سلطات اخرى منها سلطة الصحافة ، أي سلطة الصحفيين والاعلاميين ، وسلطة المعرفة اي سلطة المثقفين ، وسلطة الانترنت أي سلطة وسائل التواصل الاجتماعي .
والسياسي هو من يضع الخطط والستراتيجيات أي الخطط بعيدة المدى لإصلاح الحياة السياسية ، وتطويرها ، ، ووضعها على الطريق الصحيح ، وهو خدمة الشعب .
كما أن على السياسي ان يضع عقيدة قتالية للجيش ، فليس من المعقول ان يكون لنا جيش عظيم لايخضع لعقيدة قتالية وطنية محددة .
والسياسي من يُخطط للتعليم ، ويضع ستراتيجية وطنية للتعليم تأخذ بنظر الاعتبار الفلسفة التربوية اي على ماذا نربي الاجيال وكيف ؟
والسياسي من يخطط للاقتصاد ، ويضع خطط ستراتيجية تنظم الاقتصاد تعرف ما يأتينا من واردات ، وما يخرج منا كمصروفات .. وليس من الصحيح ان لانعرف توجه اقتصادنا هل هو يسير في الاتجاه الرأسمالي ، أم يسير في الاتجاه الاشتراكي أم ان لنا نمط خاص نضعه لاقتصادنا .
وهكذا فالسياسي هو من يعرف على أي اتجاه نحن نسير في السياسة الخارجية ، والسياسة الداخلية ، وان يكون لنا برنامج محدد ، معلن ، معروف يقره مجلس النواب أي البرلمان ، ويتعاون الجميع على تنفيذه .
وفي حال فقدان التخطيط السياسي الاستراتيجي ، فالدولة تصبح كالريشة في مهب الرياح ، وكالنهر بدون ضفاف ، وتصبح الدولة عرضة للتدخلات الاقليمية والدولية ، وتفقد سيادتها ، وقوتها ، وتضيع هيبتها .
اذا السياسة أن نضع خططا ، وبرامج ، وستراتيجيات تنبع عنها قرارات تكون ملزمة للتنفيذ ، ووفق عقيدة أو ايديولوجية تعبر عن منطلقات الدولة والحكومة .
وكما هو معروف ، فإن الدولة ثابتة ، لكن الحكومة متغيرة . ومعنى هذا ان الدولة بمؤسساتها الادارية ، وتشكيلاتها تسير بشكل انسيابي ، بالرغم من تغير الحكومات أو الوزارات ، فللدولة قوة هي قوة القوانين ، وللدولة أدوات ، ووسائل تنفيذية وقضائية ومها مؤسسات الجيش ، والشرطة ، والامن ، والقضاء.
والسياسة قد تكون داخلية أي تهتم بما هو مرتبط بالداخل . أو تكون خارجية أي تهتم بما هو مرتبط بدول الجوار والدول الاقليمية والدولية ..وكل الدول في العالم لها سياسات خاصة بها تعكس أوضاعها التاريخية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والثقافية .كما تعكس نظرتها الى جيرانها ودول العالم الاخرى .
وهكذا فالسياسة في جانب من جوانبها هي كيفية توزيع القوة والنفوذ ضمن مجتمع معين ، لكن هذه السياسة تسمى (الجيوبوليتكس) وهو العلم الذي يدرس قوة الدول ووزنها النوعي بين غيرها من دول العالم .
لكن الذي أريد أن أقوله واؤكده ؛ ان السياسة تنظم العلاقة ليس بين الدول ، وحسب بل بين الانسان والسلطة في بلده لذلك على المواطن ان يلتزم بقرارات الدولة التي يتبعها ، واذا لم يلتزم فللدولة وسائل وادوات تُلزمه بالخضوع من خلال ما تمتلكه الدولة من اجهزة للشرطة والامن والجيش فهي من تمتلك هذه الوسائل والادوات بحكم انها تمثل الشرعية والقانون .
واخيرا لابد لي أن أقول أن العلاقة بين المواطن والدولة تنظم ايضا من خلال ما هو موجود من أحزاب ينتمي اليها المواطن ، وتعبر عن مصالحه وافكاره ومبادئه .
والاحزاب إما ان تكون سرية ، وإما ان تكون علنية والاحزاب السرية هي من تسعى الى التغيير عبر طرق ثورية ، والاحزاب العلنية هي من تسعى الى الوصول الى السلطة عبر البرلمان .
لذلك وضع المفكرون واساتذة العلوم السياسية نظريات تُفلسف كيفية الوصول الى السلطة ، واساليب ذلك ، والادوات المستخدمة ، والنظم السياسية المختلفة ، والعلاقات بين المواطن والدولة وما شاكل ذلك من امور تجعلنا نقول ان السياسة قديمة قدم التاريخ وقدم الانسان لكنها تتطور ، وضمن ظروف ، ومراحل تاريخية مختلفة .
رمضانكم كريم ، وصومكم مقبول ، ودعائكم مستجاب ، والى حلقة اخرى من برنامج (ماقل ودل ) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
______________________________
*حلقة من برنامجي التلفزيوني الرمضاني اليومي ( ماقل ودل ) والذي اقدمه من على شاشة قناة ( الموصلية ) الفضائية عرضت عصر اليوم الاحد 17-5-2020 وهي متوفرة على اليوتيوب
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

زقورة عقرقوف من المعابد العراقية في العصور القديمة

زقورة عقرقوف من المعابد العراقية في العصور القديمة وهذه صورة للزقورة وفيها مكان للمعابد العراقية وترتفع بالانسان المتعبد الى الاعلى حيث السم...