الشيخ علي حامد الراوي : ريادة في الخط والقراءات
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
تعرفت عليه منذ أكثر من خمسين سنة عندما كنا تلاميذا في مدرسة أبي تمام الابتدائية ، وأبناء منطقة واحدة تقريبا ، فقد كان بيتنا في محلة رأس الكور ، أما بيتهم فقد كان في محلة نبي الله جرجيس وقد انتظمت معه في كتاب الملا إسماعيل بن مصطفى الخفاف إمام جامع عبد الله المكي و حفظنا عليه بعض سور القرآن الكريم . هذا فضلا عن أن والدي رحمه الله قال لي بأنه قد درس التجويد عند والده الشيخ حامد عبد المجيد الراوي الرفاعي الموصلي وأورثني كراسة محفوظة في التجويد أعدها والده الشيخ حامد رحمه الله ..و لم تكن علاقتي به سطحية ، بل كانت عميقة و راسخة و على أسس من المحبة والاحترام و الحمد لله فانها مستمرة حتى يومنا هذا .. كما كانت علاقتي طيبة مع أخيه الشيخ عباس و أنا أتابع أخباره كما يتابع أخباري.
الشيخ علي هو ابن حامد بن عبد المجيد بن سليمان بن الشيخ احمد بن رجب بن عبد القادر بن الشيخ احمد بن رجب بن عبد القادر بن الشيخ رجب الكبير الراوي الرفاعي دفين مدينة راوه في أعالي الفرات و يتصل نسبه بسيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام و رضى الله عنه ، و هو مواليد ليلة الاثنين 25 شعبان 1363 ه (14 أب1944) في الموصل و قد أكمل دراسته الابتدائية و المتوسطة و الثانوية فيها ، ثم دخل معهد اعداد المعلمين فتخرج منه سنة 1965 و قد عين معلما في إحدى مدارس قضاء الشرقاط الابتدائية ثم نقل الى مدينة الموصل و نسب لتدريس الخط في معهد الفنون الجميلة و حتى احالته على التقاعد سنة 1990 . و كان من الطبيعي ان يتاثر بوالده الشيخ حامد (1901 - 1961) فقد بدا الحظ معه و مع الاستاذ يوسف ذنون فيما بعد و اجيز سنة 1978 ، و حظي بتقدير كبير من الخطاط التركي المعروف الأستاذ حامد الامدي ، و الخطاط المكي الشيخ محمد طاهر الكردي ، و الخطاط العراقي الأستاذ هاشم محمد البغدادي . يرع في الخط و درسه في قسم الخط بمعهد الفنون الجميلة بين سنتي 1985 - 1990 . كما شارك في مسابقات الخط التي كان يظمها مركز الابحاث للتاريخ و الفنون الاسلامية في اسطنبول سنوات عديدة و حصل على جوائز تقديرية من مهرجانات عالمية و معارض محلية و قطرية و كتب على الحجر خطوط العشرات من الجوامع في كثير من مدن العراق ، و صمم و كتب عناوين المئات من اغلفة الكتب . و من اشهر الجوامع التي كتب خطوط ريازتها جامع الزهراء و جامع الشيخ فتحي و جامع صلاح الدين الايوبي و جامع بلال الحبشي و جامع ذي النورين و جامع نبي الله جرجيس في الموصل وجامع مصعب بن عمر و ابي بكر الصديق في تلعفر و جامع بعشيقة و جامع الشيخ جياني راوه و جامع دلال الكبيسي في بغداد و جامع الشيخ عبد العزيز السامرائي في الفلوجة .
لم يكتف الشيخ علي الراوي بما ناله من سمعة في الخط ، بل اتجه نحو دراسة العلوم النقلية و العقلية على اعلام الموصل و منهم العلامة الشيخ عثمان الجبوري ، و الشيخ ذنون البدراني . و نال اجازتين علميتين سنة 1425 ه (2004م)الاولى من الشيخ محمد ياسين و الثانية من الشيخ عبد الكريم المدرس . كما سبق له ان تعلم التجويد و درسه على يد الشيخ محمد صالح الجوادي اجازه سنة 1393ه (1973) . كما تلقى بعض المحاضرات في علم العروض ويذكر بأن المرحوم الاستاذ يونس إبراهيم كان من أساتذته الذين تعلم منهم و له محاولات شعرية و تآليف عديدة في علوم مختلفة الا انه لم يطبع منها سوى كتاب بعنوان : (دليل الحاج و المعتمر) .. كتب عنه الدكتور عبد العزيز عبد الله رحمه الله و قال بأنه (من الرجال الذين قدموا عطاءات ثرة منذ أكثر من ثلاثين عاما ، فهو يختلف عن غيره بعدة اتجاهات و مواهب فهو خطاط مبدع ، و شيخ في القراءات قدير ، و عالم في أصول الدين الإسلامي ، و خطيب منبر مفوه ، و شاعر) . وقد سبق للخطاط هاشم البغدادي ان تنبأ له بمستقبل عظيم في الخط ، و اعترف له الاستاذ يوسف ذنون بالاجادة في ضبط الخطوط العربية المختلفة و منحه الاجازة في نيسان 1978 و قال له الخطاط المكي الشيخ محمد طاهر الكردي (ان خطك كسلاسل ذهب) . وكتب له شيخ الخطاطين المسلمين الأستاذ حامد الامدي ( إني مفتخر بان أجيز ولدي الخطاط علي حامد الراوي الموصلي لما رأيت حسن ضبط خطوط الثلث و النسخ و الأنواع الأخرى ، و أن لي فيه آمالا كبيرة ، ارجو له التوفيق ) .
استعانت به جامعة الموصل لتدريس فن الخط و إلقاء المحاضرات على طلبة قسمي اللغة العربية في كليتي الآداب و التربية لعدة سنوات .. كما التزم عددا من التلاميذ في الخط في الموصل والفلوجة و من الذين اجازهم في جميع الخطوط (مروان الحربي )و في التعليق (عمار الدليمي) ، وللراوي شعر متين نشر بعضه في جريدة فتى العراق لكنه قليل .
مارس الشيخ علي الراوي الإقراء في مسجد العقبة و جامع بكر افندي و المدرسة الاحمدية و مسجد محمود البكري و جامع فتحي العلي و جامع عبد الله الحاج سعيد و جامع المدينة المنورة و جامع اليقظة الاسلامية .. و قد تولى الإمامة و الخطابة في جامع فتحي العلي في موصل الجديدة .. وكانت خطبه ليوم الجمعة تتسم بالوضوح و قوة الأسلوب و متانة الأفكار و يحظى باحترام زملائه و أصدقائه و تلاميذه .علمت اليوم.. الثلاثاء 29 تشرين الثاني –نوفمبر 2011 من الصديق المهندس والخطاط عبد الرزاق الحمداني انه توفي ورحل عن دنيانا .جزاه الله خيرا على ما قدم لوطنه ولامته وللإنسانية .
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
تعرفت عليه منذ أكثر من خمسين سنة عندما كنا تلاميذا في مدرسة أبي تمام الابتدائية ، وأبناء منطقة واحدة تقريبا ، فقد كان بيتنا في محلة رأس الكور ، أما بيتهم فقد كان في محلة نبي الله جرجيس وقد انتظمت معه في كتاب الملا إسماعيل بن مصطفى الخفاف إمام جامع عبد الله المكي و حفظنا عليه بعض سور القرآن الكريم . هذا فضلا عن أن والدي رحمه الله قال لي بأنه قد درس التجويد عند والده الشيخ حامد عبد المجيد الراوي الرفاعي الموصلي وأورثني كراسة محفوظة في التجويد أعدها والده الشيخ حامد رحمه الله ..و لم تكن علاقتي به سطحية ، بل كانت عميقة و راسخة و على أسس من المحبة والاحترام و الحمد لله فانها مستمرة حتى يومنا هذا .. كما كانت علاقتي طيبة مع أخيه الشيخ عباس و أنا أتابع أخباره كما يتابع أخباري.
الشيخ علي هو ابن حامد بن عبد المجيد بن سليمان بن الشيخ احمد بن رجب بن عبد القادر بن الشيخ احمد بن رجب بن عبد القادر بن الشيخ رجب الكبير الراوي الرفاعي دفين مدينة راوه في أعالي الفرات و يتصل نسبه بسيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام و رضى الله عنه ، و هو مواليد ليلة الاثنين 25 شعبان 1363 ه (14 أب1944) في الموصل و قد أكمل دراسته الابتدائية و المتوسطة و الثانوية فيها ، ثم دخل معهد اعداد المعلمين فتخرج منه سنة 1965 و قد عين معلما في إحدى مدارس قضاء الشرقاط الابتدائية ثم نقل الى مدينة الموصل و نسب لتدريس الخط في معهد الفنون الجميلة و حتى احالته على التقاعد سنة 1990 . و كان من الطبيعي ان يتاثر بوالده الشيخ حامد (1901 - 1961) فقد بدا الحظ معه و مع الاستاذ يوسف ذنون فيما بعد و اجيز سنة 1978 ، و حظي بتقدير كبير من الخطاط التركي المعروف الأستاذ حامد الامدي ، و الخطاط المكي الشيخ محمد طاهر الكردي ، و الخطاط العراقي الأستاذ هاشم محمد البغدادي . يرع في الخط و درسه في قسم الخط بمعهد الفنون الجميلة بين سنتي 1985 - 1990 . كما شارك في مسابقات الخط التي كان يظمها مركز الابحاث للتاريخ و الفنون الاسلامية في اسطنبول سنوات عديدة و حصل على جوائز تقديرية من مهرجانات عالمية و معارض محلية و قطرية و كتب على الحجر خطوط العشرات من الجوامع في كثير من مدن العراق ، و صمم و كتب عناوين المئات من اغلفة الكتب . و من اشهر الجوامع التي كتب خطوط ريازتها جامع الزهراء و جامع الشيخ فتحي و جامع صلاح الدين الايوبي و جامع بلال الحبشي و جامع ذي النورين و جامع نبي الله جرجيس في الموصل وجامع مصعب بن عمر و ابي بكر الصديق في تلعفر و جامع بعشيقة و جامع الشيخ جياني راوه و جامع دلال الكبيسي في بغداد و جامع الشيخ عبد العزيز السامرائي في الفلوجة .
لم يكتف الشيخ علي الراوي بما ناله من سمعة في الخط ، بل اتجه نحو دراسة العلوم النقلية و العقلية على اعلام الموصل و منهم العلامة الشيخ عثمان الجبوري ، و الشيخ ذنون البدراني . و نال اجازتين علميتين سنة 1425 ه (2004م)الاولى من الشيخ محمد ياسين و الثانية من الشيخ عبد الكريم المدرس . كما سبق له ان تعلم التجويد و درسه على يد الشيخ محمد صالح الجوادي اجازه سنة 1393ه (1973) . كما تلقى بعض المحاضرات في علم العروض ويذكر بأن المرحوم الاستاذ يونس إبراهيم كان من أساتذته الذين تعلم منهم و له محاولات شعرية و تآليف عديدة في علوم مختلفة الا انه لم يطبع منها سوى كتاب بعنوان : (دليل الحاج و المعتمر) .. كتب عنه الدكتور عبد العزيز عبد الله رحمه الله و قال بأنه (من الرجال الذين قدموا عطاءات ثرة منذ أكثر من ثلاثين عاما ، فهو يختلف عن غيره بعدة اتجاهات و مواهب فهو خطاط مبدع ، و شيخ في القراءات قدير ، و عالم في أصول الدين الإسلامي ، و خطيب منبر مفوه ، و شاعر) . وقد سبق للخطاط هاشم البغدادي ان تنبأ له بمستقبل عظيم في الخط ، و اعترف له الاستاذ يوسف ذنون بالاجادة في ضبط الخطوط العربية المختلفة و منحه الاجازة في نيسان 1978 و قال له الخطاط المكي الشيخ محمد طاهر الكردي (ان خطك كسلاسل ذهب) . وكتب له شيخ الخطاطين المسلمين الأستاذ حامد الامدي ( إني مفتخر بان أجيز ولدي الخطاط علي حامد الراوي الموصلي لما رأيت حسن ضبط خطوط الثلث و النسخ و الأنواع الأخرى ، و أن لي فيه آمالا كبيرة ، ارجو له التوفيق ) .
استعانت به جامعة الموصل لتدريس فن الخط و إلقاء المحاضرات على طلبة قسمي اللغة العربية في كليتي الآداب و التربية لعدة سنوات .. كما التزم عددا من التلاميذ في الخط في الموصل والفلوجة و من الذين اجازهم في جميع الخطوط (مروان الحربي )و في التعليق (عمار الدليمي) ، وللراوي شعر متين نشر بعضه في جريدة فتى العراق لكنه قليل .
مارس الشيخ علي الراوي الإقراء في مسجد العقبة و جامع بكر افندي و المدرسة الاحمدية و مسجد محمود البكري و جامع فتحي العلي و جامع عبد الله الحاج سعيد و جامع المدينة المنورة و جامع اليقظة الاسلامية .. و قد تولى الإمامة و الخطابة في جامع فتحي العلي في موصل الجديدة .. وكانت خطبه ليوم الجمعة تتسم بالوضوح و قوة الأسلوب و متانة الأفكار و يحظى باحترام زملائه و أصدقائه و تلاميذه .علمت اليوم.. الثلاثاء 29 تشرين الثاني –نوفمبر 2011 من الصديق المهندس والخطاط عبد الرزاق الحمداني انه توفي ورحل عن دنيانا .جزاه الله خيرا على ما قدم لوطنه ولامته وللإنسانية .