مقالات الأستاذ الدكتور
إبراهيم خليل العلاف عن (ثورة 14 تموز 1958 في العراق)
1. ثورة 14 تموز 1958 في ذكراها ال (64)
- ابراهيم العلاف
اليوم هو 14 تموز 2022
، وفيه يحتفل العراقيون بالذكرى (64) لثورتهم المباركة ثورة 14 تموز 1958 وهو يوم
عيدهم الوطني.
أتقدم بالتهنئة للشعب
العراقي متمنيا له التقدم والرقي والبناء واقول ان هناك آراء وتفسيرات ورؤى مختلفة
حول الثورة وحول ماهيتها وطبيعتها وتفسير ما حدث .
وانا عندما وقعت الثورة
وكان يوم اثنين كنت تلميذا في الصف الخامس الابتدائي في الموصل ورأيت الجماهير
تتدفق نحو الشوارع كما الامر في بغداد وكل المحافظات (الالوية ) ورأيت سياسيين
كبارا يلقون الخطب .
والثورة ثورة 14 تموز
1958 تنطبق عليها شروط الثورة من حيث أنها أحدثت تغييرا جذريا في المجتمع ، وكانت
متوافقة مع سير حركة التاريخ وملبية لمطالب الشعب ممثلا بالطبقة البرجوازية
والمثقفة .
وقد كتبت الكثير من
المقالات حول الثورة ، واهم ما قلته انها ( كانت صراعا بين الجيل القديم والجيل
الجديد الذي اراد ان يكون شيئا )
.نعم الثورة انتكست ،
وشهدت البلد مشاكل وصراعات سياسية ، ولكن هذا لاينفي قيمة واهمية الثورة .
_______________________________________________________________-
2. ثورة 14 تموز 1958 في العراق .. آراء وتفسيرات
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث _جامعة الموصل
تعرضت ثورة 14 تموز-يوليو 1958 إلى كثير من التفسيرات، بشأن أهدافها، ومساراتها
ونتائجها مع أنها تعد من أبرز الإحداث التي وقعت في منطقة الوطن العربي ودول
الجوار في منتصف الخمسينات من القرن العشرين، وقد قيمت هذه الثورة من قبل القوى
الوطنية العراقية ،والقوى القومية العربية تقييما ايجابيا من خلال التأكيد على
قيمتها الحقيقية كنقطة تحول خطيرة في تاريخ العراق والأمة العربية .فضلا عن
اعتبارها ثورة وطنية ، وقومية ، وتقدمية في طبيعتها الأساسية، غير أن الممسكين
بزمامها سرعان ما ابتعدوا عن أهدافها الحقيقية ،ودخلوا في صراعات فيما بينهم دفع
الشعب العراقي ثمنها غاليا .
ولئن حاول البعض من الباحثين والمؤرخين ،ومنهم الأستاذ الصحفي المصري محمد حسنين
هيكل في كتابه: (( سنوات الغليان )) ،أن يصور في كتاباته، أن المخابرات المركزية
الأمريكية كانت على علم بالثورة ،وأنها كانت مهتمة طوال سنة 1957 بإجراء تقديرات
عن احتمالات المستقبل في بغداد ، إلا أن (اندرو تولي) في كتابه عن ((وكالة المخابرات
المركزية الأمريكية)) ، الذي نشر سنة 1958 يؤكد بان الثورة :((كانت مفاجأة مذهلة
للحكومة الأمريكية)) إلى درجة أن (وليم فولبرايت)، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في
الكونغرس الأمريكي ، اقترح آنذاك استدعاء (ألن دالاس) مسؤول المخابرات للتحقيق
معه، ((منعا لكوارث مماثلة للثورة العراقية (على حد تعبيره) يمكن أن تلحق الأضرار
الفادحة بالأمن القومي الأمريكي وبأمن العالم)).
كان في بغداد قبيل الثورة ، صحفي بريطاني يراسل (صحيفة الاوبزرفر) اللندنية، وقد
شاهد أحداث الثورة بأم عينيه، وكتب بعد اندلاعها بوقت قصير كتابا بعنوان :(ثورة
العراق) وباسم مستعار هو (كاركتاكوس) ،وقد ترجم خيري حماد الكتاب، ونشره ببيروت
سنة 1958، وفي هذا الكتاب يعزو (كاركتاكوس) الثورة إلى عدم فهم السياسيين
البريطانيين للمتغيرات الجديدة في المنطقة ، وأبرزها تنامي حركة التحرر العربية.
أما السياسي والقانوني العراقي المعروف حسين جميل، والذي كان يعمل سفيرا بالهند،
فقد ألقى محاضرة عن الثورة في نيودلهي بعد شهر واحد من وقوعها ،وطبعت المحاضرة في
كتاب عنوانه: (العراق الجديد) قال في هذا الكتاب عن أسباب الثورة : ( إن الطبقة
الحاكمة في العراق لم تستطع أن تدرك أن المجتمع العراقي كان قد تحول ، بالرغم من
محاولتها المحافظة على الأوضاع فيه) (وقمع الحركة لمنع انتقال السلطة إلى الشعب عن
طريق ممثليه الحقيقيين الذين يعملون لصالحه).
وقد وصل الاستاذ جميل إلى نتيجة مهمة مؤداها أن : ((ثورة 14 تموز 1958 ، كانت
انطلاقه للقوى الاجتماعية المتطورة اقتصاديا، والتي منعها النظام القديم من أن
تشغل المركز الذي يؤهلها لها ذلك التطور الاقتصادي)).
وذهب الدكتور مجيد خدوري، في كتابه (العراق الجمهوري) المنشور في لندن بالانكليزية
سنة 1969 ،والمترجم إلى العربية سنة 1974 إلى أن أسباب الثورة عميقة وتكمن في ((أن
الجيل الجديد في العراق شعر بالهوة التي تفصله عن الجيل القديم ، فسعى إلى
الاشتراك في السلطة.. فلم يجد المجال، بل العكس كان مضطهدا ،فبدأت روح التذمر من
الأسفل إلى الأعلى وفي الوقت ذاته كان في هذا الجيل يشعر بقوته وقابلياته للمشاركة
في الحياة العامة، ولكنه لم يجد مجالا للاشتراك فحصل الضغط الاجتماعي، وقد حصل في
تجربة العراق أن الضباط الأحرار استجابوا لمطامح هذا الجيل فكانت الثورة)).
وحاول الاستاذ الدكتور فاضل حسين أستاذ التاريخ الحديث في جامعة بغداد من خلال
كتابه: (سقوط النظام الملكي في العراق)أن يجمع في كتابه ويحلل مجموعة الأحداث التي
سبقت ورافقت أيام الثورة مطعما بمشاهدة وروايات بعض قادتها ورجالاتها المدنيين
والعسكريين. وقد أورد المؤلف ما يشير إلى ما اسماه (علاقة الانكليز بالثورة) ،
لكننا لم نجد لهذا الرأي أساسا فيما نشر على الأقل ،من الوثائق البريطانية التي
أفرج عنها بعد مرور 30 عاما وتولى عدد من الباحثين العراقيين ومنهم الأستاذ
الدكتور مؤيد الونداوي ترجمتها ونشرها أو التعليق عليها فلقد ثبت اليوم، وبعد
الاطلاع على الوثائق البريطانية أن مارجح الأستاذ الدكتور فاضل حسين صحته غير
دقيق، فالانكليز فوجئوا بالثورة بل اخذوا على حين غرة
وهناك من درس ثورة 14 تموز –يوليو 1958 من خلال ادوار (القوى السياسية) أو( الصراع
الأيدلوجي) الذي ظهر بعدها بقليل ويمكن أن نورد رسالة الدكتور محمد كاظم علي التي
نشرت ببغداد سنة 1989 بعنوان: (العراق في عهد عبد الكريم قاسم :دراسة في القوى
السياسية والصراع الأيدلوجي 1958-1963 ) .
إننا في هذا الحيز
المقتضب لانريد أن نكثر من التفاصيل عن طبيعة ثورة 14 تموز 1958،لكن لابد أن نؤكد
بان هذه الثورة قد كان تأثيرها في واقع العراق السياسي والاقتصادي والاجتماعي
كبيرا فضلا عن أنها كانت جزءا لايتجزا من حركة التحرر الوطني في المنطقة العربية
والعالم الثالث كله ،ومع هذا فالباب مفتوح أمام من يرغب في الكتابة عنها ،وتحليل
أهدافها ومعطياتها وما تمخضت عنه من نتائج حين يعثر على مصادر ووثائق جديدة، أو
حين تظهر لديه رؤية جديدة يفسر بموجبها الثورة .
*راجع لطفا مدونة الدكتور
ابراهيم العلاف ورابطها التالي :
wwwallafblogspotcom.blogspot.com
____________________________________________________________________________
3.
ثورة 14 تموز 1958 في العراق وصراع الأجيال
الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل
العلاف
أستاذ التاريخ الحديث –جامعة الموصل
فسرت ثورة 14 تموز 1958 بعدة عوامل
، وكتب عن دوافعها الكثير، ولسنا هنا بصدد الآنيان بهذه العوامل والتفاسير، بل نحن
معنيون في هذه العجالة بتسليط الضوء على نظرية مهمة اعتمدها بعض الباحثين
والمؤرخين في دراستهم للدوافع الحقيقية التي كانت وراء نشوب ثورة 14 تموز 1958 في
العراق. ويطلق على هذه النظرية اسم ( نظرية صراع الأجيال) . وبالتأكيد فهي ليست
نظرية جديدة، ذلك أن علماء الاجتماع تحدثوا عنها بإسهاب ولكن المؤرخين جاؤوا
ليستندوا أليها في تفسيرهم لبعض الأحداث ومن هذه الإحداث ماوقع في العراق صبيحة
يوم 14 تموز 1958 حين خرجت طلائع الجيش ، متمثلة بتنظيم الضباط الأحرار المتعاونين
مع قادة جبهة الاتحاد الوطني، لتسقط النظام الملكي الرجعي المتعاون مع الاستعمار
البريطاني وتقيم جمهورية العراق.
لقد كان السياسي والمحامي العراقي
حسين جميل، وهو أحد قادة الحزب الوطني الديمقراطي من أوائل الذين انتبهوا الى أن
ثورة 14 تموز 1958 هي ((ثورة الجيل الجديد على الجيل القديم)) ، وذلك من خلال
كتابه الموسوم:( العراق الجديد) والذي هو بالأصل محاضرة ألقاها في نيودلهي بالهند
حيث كان يعمل سفيرا للعراق هناك بتاريخ 29 أيلول 1958 أي بعد اندلاع الثورة بوقت
قصير بدعوة من المعهد الهندي للدراسات الدولية التابع لجامعة دلهي. ويعد هذا
الكتاب -في اعتقادي- أول دراسة عراقية عن ثورة 14 تموز، وفيها درس المؤلف الثورة
ولماذا حدثت؟ وذلك في محاولة منه لوضع وتثبيت الحدود بين ماأسماه ( عراق ماقبل
الثورة)و( عراق مابعد الثورة). وقد ركز المؤلف على موضوعين أساسيين، الأول: أوضاع
العراق قبل الثورة، وابتداء بالاحتلال البريطاني 1914- 1918، والثورة العراقية
الكبرى في 1920، ووقف عند أساليب ووسائل الحكم الملكي، واستقصى تلك الوسائل، ومهد
للموضوع المهم الثاني وهو( أسباب ثورة 14 تموز) قائلا: (( أن الطبقة الحاكمة في
العراق، لم تستطع أن تدرك أن المجتمع العراقي كان قد تحول ، بالرغم من محاولتها
المحافظة على الأوضاع فيه)). وأضاف : (( أن السلطة الحاكمة استخدمت القمع لمنع
انتقال الحكم الى الشعب عن طريق ممثليه الحقيقيين الذين يعملون لصالحه))، ووصل
المؤلف الى نتيجة مهمة مؤداها: (( أن ثورة 14تموز 1958 كانت انطلاقا للقوى
الاجتماعية المتطورة اقتصاديا، والتي منعها النظام القديم من أن تشغل المركز الذي
يؤهلها له ذلك التطور الاقتصادي)).
لقد أدرك المستعمرون البريطانيون،
طبيعة التحولات التي كانت تجري في المجتمع العراقي ، لكن السلطة الملكية أتذاك ظلت
عاجزة عن أن تستوعب هذه التحولات، وتفسح المجال لأجراء بعض الإصلاحات التي كانت
تطالب بها القوى السياسية المعارضة، وخاصة الأحزاب البرلمانية التي تؤمن بالوصول
الى السلطة عن طريق البرلمان والتطور التدريجي . ويذكر المؤرخ العراقي الدكتور
فاضل حسين في كتابه الموسوم: ( تاريخ الحزب الوطني الديمقراطي) أن الانكليز دأبوا
على إرسال صحفيين ونواب انكليز لمعرفة اتجاهات الرأي العام العراقي ، وكان هؤلاء
يتصلون بزعماء المعارضة ثم يقدمون التقارير الى حكومتهم لاتخاذ مايلزم. وأضاف في
كتابه سقوط النظام الملكي) أن( صموئيل
فول) السكرتير الشرقي في السفارة استطلع سنة 1957 رأي بعض الشباب المثقف المعارضين
للحكم الملكي ورغب في معرفة أسباب معارضيهم، فهاجموا الانكليز لمساندتهم ذلك
الحكم. وذكر الدكتور مجيد خدوري، المؤرخ العراقي المغترب أن( صموئيل فول) قدم
مذكرة الى حكومته اقترح فيها أن تضغط على الحكومة العراقية وتدعوها لأجراء إصلاحات
قبل أن يفلت الأمر من أيديها وأيديهم. وأضاف أن( السير مايكل رأيت) السفير
البريطاني في العراق قابل عبد الله بكر رئيس الديوان الملكي قبل الثورة بفترة
قصيرة، وحاول أن يقنعه بضرورة أجراء أصلاح اجتماعي واقتصادي وذلك بالتقليل من نفوذ
شيوخ العشائر، فأجابه عبد الله بكر أن هؤلاء يعدون العمود الفقري للنظام الملكي.
لقد طور الدكتور مجيد خدوري نظرية
صراع الأجيال وذلك بعد فترة طويلة من إصدار كتابه( العراق الجمهوري)، ففي شباط سنة
1987 أجرت معه مجلة أفاق عربية (العراقية )حوارا حول الثورة قال فيه: (( أن الجيل
الجديد في العراق شعر بالهوة التي تفصله عن الجيل القديم .. وحاول الجيل الجديد،
أن يؤثر على الجيل القديم، فسعى الى الاشتراك في السلطة .. فلم يجد المجال ، بل العكس
كان مضطهدا، فبدأت روح التذمر من الأسفل الى الأعلى، وعدم الاكتفاء وفي الوقت ذاته
، كان ها الجيل الجديد يشعر بقوته وقابلياته ،للمشاركة في الحياة العامة ، وعندما
لم يجد مجالا للاشتراك حصل الضغط الاجتماعي . وقد حصل في تجربة العراق، أن الضباط
استجابوا لمطامح هذا الجيل، لأنهم يشتركون معهم في المعاناة نفسها، فهم أبناء
مرحلة واحدة، لهم أمالهم وطموحاتهم المتشابهة وكان ذلك يعني أن الضباط يقوون بثورة
على الجيل القديم، ومن ثم يأتي الجيل الجديد ليبدأ مسيرته)).
وبغض النظر عما حدث بعد نجاح الثورة
من صراعات بين القائدين العسكريين الزعيم (العميد )الركن عبد الكريم قاسم و العقيد
الركن عبد السلام محمد عارف وما تركته تلك الصراعات من أثار سلبية ، فان الذي حدث
هو ثورة الجيل الجديد على الجيل القديم، ونقصد هنا بالجيل القديم، أولئك الذين
تسلموا مقاليد الحكم في العراق بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وسقوط الدولة
العثمانية1918 وظهور الكيانات السياسية العربية على أنقاضها ، ومن ذلك كيان العراق
السياسي الحديث وأبرز هؤلاء نورى السعيد، وجميل المدفعي، وتوفيق السويدي، وعلى
جودت الأيوبي، وارشد العمري، واحمد مختار بابان، وعبد الوهاب مرجان ، وغيرهم من
الذين تخرجوا من المدارس والمعاهد العسكرية والمدنية العثمانية في أواخر القرن
التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. أما الجيل الجديد فهم الذين ولدوا بعد انتهاء
الحرب العالمية الأولى1918 وتشكيل الدولة العراقية 1921 .
وقد يكون من المناسب هنا الإشارة
الى أن بعض السياسيين البارزين في العهد الملكي، قد أكدوا في مذكراتهم التي نشروها
بعد سقوط الحكم الملكي على حقيقة الصراع بين الأجيال وأشاروا الى تجاهل السلطة
الحاكمة هذه الحقيقة ، ولعل من ابرز هؤلاء خليل كنه ، وهو من المحسوبين على جماعة
نوري السعيد، مع انه كان في مطلع حياته السياسية من شباب حزب الاستقلال ،عمل وزيرا
للمعارف والمالية وكان نائبا في مجلس النواب ، واصدر بعد الثورة كتابه ( العراق:
أمسه وغده) والذي يذكر فيه أن نوري السعيد (( أهمل الشباب، واخفق في تقدير دورهم
الفعال في توجيه الرأي العام ، مما حملهم على اليأس من الإصلاح)) وأضاف: أن الناس
، في العراق، قد سئموا وجوه القائمين بالحكم ، وأساليبهم الروتينية التي يسيرون
بها البلاد، وكان الشعب يتطلع الى وجوه جديدة تأتي بالإصلاحات المنشودة ولم تتمكن
السلطات القائمة آنذاك أن تجاري التطورات الثوري التي اجتاحت بعض البلاد العربية
كسوريا ومصر .. فصاروا يتطلعون الى اليوم السعيد الذي تقع فيه الثورة)).
وهكذا كانت الثورة المجيدة التي
وقعت صبيحة يوم 14 تموز 1958 نقطة تحول في تاريخ العراق الحديث، وهي لم تأت من
فراغ، بل جاءت ضمن سياق حتمي تاريخي في تطور المجتمع العراقي، وحصيلة نضال طويل
وشاق من اجل التحرر والاستقلال والتخلص من الظلم والعبودية.
*المصدر :مدونة
الدكتور ابراهيم خليل العلاف ورابطها :
الثلاثاء، 19 يناير 2010
ثورة 14 تموز 1958 في العراق وصراع
الاجيال !!
wwwallafblogspotcom.blogspot.com
4. لا ... بل
دفاع عن ثورة 14 تموز 1958 في العراق
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
وقد كتبت عن ثورة 14 تموز 1958 في كتابي المنهجي المقرر في اقسام التاريخ في
الجامعات العراقية قبل عدة عقود وقد الفته مع الاستاذ الدكتور جعفر عباس حميدي .
كما ان لي العديد من المقالات والدراسات ، وانا افسر ثورة 14 تموز 1958 على( انها
ثورة الجيل الجديد على الجيل القديم) الذي تربى في مدارس ومعاهد العثمانيين من
مدنيين وعسكريين حكموا العراق من 1921 الى 1958 .
الثورة كمصطلح " تعني التغيير الشامل للحياة ووفق منطق التاريخ " ،
وحركته والحكم على الثورة لايكون بما حدث بعدها من صراعات سياسية ، فهذا شيء طبيعي
انظروا او لأ قل ادرسوا الثورة الفرنسية في 14 تموز 1789، لتجدوا انها كانت دموية
، وانها وانها ادت الى صراعات ولسنوات طوال لكن الفرنسيون مازالوا يعتزون بها
ويفتخرون ، لانها احدثت في مجتمعهم نقلة كبيرة ويوم (14تموز ) هو اليوم الوطني
لجمهورية فرنسا . الفرنسيون حطموا (سجن الباستيل) ، والعراقيون حطموا (سجن نكرة
السلمان) .
سألت احدهم ، هل عشت في العهد الملكي ،وهل عرفته على حقيقته ؟ قال لا ؛ فقلت انا
عشت في الحكم الملكي واعرف ان نوري السعيد رئيس الوزراء المزمن الف (14) وزارة ،
وحكم بالحديد والنار والاحكام العرفية واغلق الاحزاب ، واوقف الصحف ، وفتح معسكرات
تأديب للطلبة الثائرين على حكمه ، واعدم زعيم الحزب الشيوعي (فهد) واعدم العقداء
الاربعة ومحمد يونس السبعاوي وعلق جثثهم على باب وزارة الدفاع ولم يتحمل برلمان
فيه عدد صغير من المعارضين فحله وتحدى النواب ان يكونوا قد جاؤوا الى البرلمان
بجهودهم ، وكبل العراق بمعاهدات الذل ، ووافق على ان تكون للانكليز قواعد عسكرية
في الحبانية والشعيبة بهدف قمع المعارضة ، وربط العراق بحلف بغداد وحتى الانكليز
نبهوه الى ان يعطي فرصة للشباب لكنه رفض .
احزاب العراق في جبهة الاتحاد الوطني ، وتنظيم الضباط الاحرار هم من قاموا بالثورة
، والثورة كانت تتوافق مع سير حركة التاريخ والعراقيون لايصبرون على الظلم طويلا
هذه حقيقة تاريخية معروفة .
ثورة 14 تموز 1958 محفورة في ذاكرة العراقيين ، وليس من السهولة محوها أو تجاهلها
أو تناسيها أو طمسها أو تغييبها من ذاكرتنا نحن الذين عانينا من الذل والفقر
والجهل .التلميذ كان لايُعطى كتابا مدرسيا الا اذا جلب شهادة فقر الحال من المختار
وشاهدين ، وجاءت الثورة وفتحت التعليم على مصراعيه ، واصدرت قانون الاصلاح
الزراعي، وقانون رقم 80 وقانون الاحوال الشخصية وقانون جامعة بغداد الذي استحدث
لاول مرة (مجلس الجامعة ) الذي اجتمع لاول مرة في تشرين الثاني سنة 1958 اي بعد
اربعة اشهر من قيام الثورة وكان من اهم ماحصل بموجب ذلك القانون الاعتراف بقيام
جامعة بغداد وضم الكليات القائمة اليها وهي كلية الطب وكلية الاداب وكلية العلوم
وكلية التربية وكلية الهندسة وكلية الصيدلة وكلية طب الاسنان وكلية التحرير وكلية
الزراعة وكلية الطب البيطري وكلية الحقوق وكلية التجارة ثم قرر مجلس الجامعة ان
يفتح ثلاثة معاهد عالية هي معهد العلوم الادارية ومعهد اللغات ومعهد المساحة وربط
بالجامعة معهد الهندسة الصناعية العالي ومعهد التربية البدنية .يقول رئيس الجامعة
انذاك البروفيسور الدكتور عبد الجبار عبد الله انه بعد ثورة 14 تموز 1958 :"
تم تكوين جامعة بغداد وهي اول جامعة في العراق واتخذت شكلها الحاضر " يعني
آنذاك ومع هذا فهو يعتبر ما حدث (مرحلة تكوين ) . وبنت مدنا منها مدينة الثورة -
الصدر حاليا ومدينة الشعلة ومدينة نواب الضباط ، وانصفت الفقير والعامل والفلاح ،
وفي سنة 1959 اسست كلية الطب في الموصل والتي كانت نواة لجامعة الموصل ، واكدت
قيادة الثورة سيادة البلد ، وكرامة المواطن العراقي .
طبعا بريطانيا ، ومن وراءها لم يرق لهم ذلك فوضعوا العقبات ، وابتدأوا التآمر وهذا
شيء طبيعي لكن هذا لايعني " ان الثورة كانت خطأ تاريخيا بل بالعكس الثورة
احدثت تغييرا في حياة الناس اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وفكريا ونفسيا " ..
لمن لم يعش تلك الظروف اقول : اقرأوا القصص التي كتبت في ذلك الزمن اقرأوا قصص ذو
النون ايوب وادمون صبري ، اقرأوا الشعر شعر السياب والبياتي ونازك الملائكة وعبد
الله كوران وبلند الحيدري لتشعروا بقيمة ما حدث صبيحة يوم الاثنين 14 من تموز 1958
.نعم هناك اخطاء وصراعات لكن العيب في هذا لم يكن في الثورة وانما في بعض من لم
يفهموا الظروف آنذاك حق فهمها .
وبإختصار شديد اقول وانا اعرف ان الاحتفال بها الغي ولم اعثر على اليوم الوطني
للعراق في قائمة العطل الرسمية :" ان محاولات تهميش الثورة او اسقاطها من
ذاكرة العراقيين فاشلة لامحالة" .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق