السبت، 21 مارس 2020

الأمل ا.د. ابراهيم خليل العلاف


الأمل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
ولولا الأمل لبطل العمل ...والأمل مهم ، وضروري للانسان لكي يستمر في حياته . واريد اليوم ان اتحدث لكم عن   (الامل  ) هذه الصفة الانسانية المهمة ، وبعكس الامل (اليأس) ،  والانسان اليائس يواجه في حياته الكثير من العقبات التي تعيق حركته ،  وتجعله غير قادر على ان يفعل شيئا يفيد نفسه ، ويفيد من حوله .

والامل يحتاج منا ان نفهم الحياة ، وفي الحياة صعوبات ومشاكل وكما قال رب العزة في كتابه الكريم ( وخلقنا الانسان في كبد ) ، والكبد اي المعاناة والتعب . لذلك ولمواجهة الحياة لابد من ان يكون لدينا أمل ، والامل هو ما يساعدنا على الاستمرارية .

وكما يقول المفكرون والفلاسفة فإن الامل شعور داخلي موجود عند الانسان . وكل الديانات تؤكد على الامل وتحارب اليأس والقنوط ، وكثيرا ما يرتبط الامل بالتفائل الذي هو صفة ايجابية عند الانسان المؤمن بوجود غائية للكون ؛ فالله سبحانه وتعالى لم يخلقنا عبثا انما خلقنا لغاية لذلك ليس من المعقول ان نكون يائسين ، متشائمين من رحمة الله التي وسعت كل شيء .

نعم في الحياة تعب ، ومكابدة ، وعقبات ، ومصائب ، وامراض ، وحروب ولكن الانسان يجب ان  يفهم اسباب وظروف ما يحدث في هذا الكون ، وفي هذه الدنيا من أحداث  في التاريخ  لها سننها ، وقوانينها التي تحركها .

نعم للامل معنى ، ومعنى كبير . والامل يعتمد على رجاء عفو الله وعونه ومغفرته . والانسان لكي ينال كل هذا عليه ان يعمل ، ويسعى ، ويتفائل وان يتولد لديه الامل في ان يجعل حياته أفضل مما هي ، وان لايرضى بواقعه ويناضل من اجل ان يحقق وجوده وحريته ، ويؤكد دوره الفاعل في المجتمع والحياة .

وعندما يشعر الانسان بقيمة الامل ، وأهميته فإن معنى هذا انه يعرف الله خالق الكون ؛ فلا ييأس ، ولايصيبه القنوط فالله معه اذا عمل ، والله معه ان شعر بالامل والفرج دائما موجود وكما يقول الشاعر :

فلما استحكمت حلقاتها فُرجت ** وقد كنتُ أظنها لاتُفرجِ

في الامل رجاء ، والرجاء يدل على الامل الذي هو كما قلت قبل قليل عكس اليأس والقنوط ، والانسان يرجو رحمة الله اي يأمل في ان تناله رحمة الخالق البارئ المصور .

وعندما تحدث  علماء اللغة عن الامل اصطلاحا  ، اتفقوا على ان الامل هو النظرة الواسعة الى رحمة الله أي الرجاء من الله ، والاستبشار بعفوه وعونه والطمع بكرمه وهذا معناه ايها الانسان قم وإعمل وإسعى يعاونك الله ..  اما اذا جلست تتمنى فقط  ، فلا أمل لك والله سبحانه وتعالى سوف لن يكون معك ابدا .
بسم الله الرحمن الرحيم :"  إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّه أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّه وَاللَّه غَفُورٌ رَحِيمٌ " .

نعم الامل طاقة  ايجابية  خلاقة موجودة في الانسان عليه ان يحركها لكي يعمل ، ولكي يسعى ، ولكي يتقدم ، ولكي يعطي لنفسه مبررا للبقاء على ارض هذا الكوكب .

والامل الحقيقي يتعارض مع المصلحة الانانية للانسان بمعنى عندما يتولد الامل عند الانسان فإنما يتولد من أجل فعل خير يفيد المجتمع ، واذا ما ذهب الانسان وهو يريد ان يحقق مصالح انانية فسيُرد الى الخيبة والخسران ، ومع هذا فالانسان الذي يعمل من أجل خدمة المجتمع ، فإنه تحصيل حاصل يعمل لنفسه ويكسب في الوقت نفسه رضى الله ورضى الناس .

نعم اليأس والامل موجودان في الحياة كما هو الخير والشر ، وكما هو النور والظلام ، هذه الثنائية الأبدية .... لكن هنا يدخل الانسان المؤمن القوي  لكي يميل الى الامل ، ويميل الى الخير ، ويميل الى النور ويميل الى الجمال .

واخيرا الأمل وكل الصفات والقيم الانسانية النبيلة اليوم محل اهتمام ، فهناك علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الجمال وعلم  الادارة ، وكل هذه العلوم اخذت تهتم بكل ما يساعد الانسان ان يكون ايجابيا متفاعلا مع المجتمع من خلال الأمل ، ومن اجل الوصول الى خير هذا الانسان ومصلحته .
لنؤمن  ايمانا حقيقيا ، ولنكن ايجابيين ، ولنزرع الامل ، ونحارب اليأس والقنوط من رحمة الله ، بالعمل والسعي الجاد .

رمضانكم كريم وصلاتكم مقبولة ودعائكم مستجاب والى حلقة اخرى من برنامج ( ما قل ودل ) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

1.      .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

زقورة عقرقوف من المعابد العراقية في العصور القديمة

زقورة عقرقوف من المعابد العراقية في العصور القديمة وهذه صورة للزقورة وفيها مكان للمعابد العراقية وترتفع بالانسان المتعبد الى الاعلى حيث السم...