المؤرخ العراقي الدكتور خليل ابراهيم صالح السامرائي 1944-1988وجهوده في الكتابة التاريخية
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
استاذ جامعي ، وباحث ، وتربوي ، ومؤرخ من الطراز الاول اخترمه الموت وهو لما يزل في عز عطائه . كان زميلا لي عندما كنت رئيسا لقسم التاريخ بكلية التربية – جامعة الموصل 1980-1995 . وقد عرفته عن كثب انسانا فاضلا ، ومؤرخا منصفا ، يحب الخير للناس ، ويسعى من اجل تقديم الخدمة لكل من يرغب فيها .. لم يسمع احد منه كلمة مسيئة . كان عفيف اللسان ، نظيف الكف ، صادقا شجاعا شأنه شأن أي مؤرخ منصف محترف يعرف إمكاناته ويحترم نفسه ، ومكانته ودوره في قول الحقيقة ولاشيء غير الحقيقة .
كان من أوائل الذين تخصصوا بالتاريخ الاندلسي من المؤرخين العراقيين ، وقد احب تخصصه وعمل من اجل تعميق المعرفة به .
ولد في مدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين (تكريت ) سنة 1944 ، واكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والاعدادية فيها دخل قسم التاريخ بكلية التربية – جامعة بغداد سنة 1965 وبعد تخرجه عمل مدرسا في بعض المدارس الثانوية وقد التحق بعد سنوات بالدراسات العليا – جامعة بغداد ، وحصل على شهادة الماجستير في التاريخ الاسلامي وكان موضوع رسالته ( الثغر الاعلى الاندلسي ) ثم نال الدكتوراه سنة 1979 في جامعة القاهرة – كلية الاداب بمرتبة الشرف الاولى وكانت اطروحته بعنوان ( علاقات المرابطين بالممالك النصرانية وبالدول الاسلامية ) .
وبعد تخرجه عاد الى العراق ، ليعين مدرسا في جامعة صلاح الدين باربيل وكانت انذاك في مدينة السليمنية ثم انتقلت الى اربيل وقد عرف هناك بين زملاءه وطلبته استاذا متميزا متمكنا من تخصصه فأحبه الجميع .
وبعد سنوات قرر الانتقال الى جامعة الموصل ، وانتقل ورقي الى مرتبة استاذ مساعد في قسم التاريخ بكلية التربية – جامعة الموصل ( الان كلية التربية للعلوم الانسانية ) .وقد كانت فترة عمله في هذا القسم متميزة بعطائه العلمي الثر .
كتب عنه صديقنا الاستاذ حميد المطبعي في الجزء الثاني من موسوعته (موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين ) وقال انه كان عضوا في اتحاد المؤرخين العرب .كما انتخب ممثلا عن سامراء في المجلس الوطني (البرلمان ) العراقي بدورته الثانية .كما كان عضوا في نقابة المعلمين وعضوا في جمعية المؤرخين والاثاريين – فرع نينوى وعضوا في رابطة العلماء – صلاح الدين .
نشر العديد من البحوث والدراسات في المجلات العراقية والعربية ومن بحوثه :
1. الدعوة الى توحيد الاندلس في ايام الطوائف ، مجلة زانكو ( العلم ) جامعة صلاح الدين.السليمانية 1977.
2. النظرة الى العمل في المجتمع الاسلامي ، مجلة زانكو 1978
3. الجزائر الشرقية (البليار ) في ايام الطوائف ، مجلة (التربية والعلم ) ، كلية التربية ، جامعة الموصل ، 1980
4. إمامة الدفاع الثانية عن خوارج المغرب العربي ، مجلة (التربية والعلم ) العدد (4) 1981
5. جهاد المسلمين وراء جبال البرتات في المصادر العربية ، مجلة (دراسات في التاريخ والاثار ) تصدرها جمعية المؤرخين والاثاريين العراقيين ، العدد (2) 1980
6. طارق بن زياد بين الخطبة واحراق السفن ، مجلة (افاق جامعية ) جامعة صلاح الدين ،السليمانية 1978
7. (اثر العراق الحضاري على الاندلس ، مجلة المؤرخ العربي ، الدد ( 28) ، 1981
8. علاقات المرابطين مع امارات المغرب الاقصى ، مجلة زانكو ، المجلد (6) العدد (2) 1980
9. امارة كريت الاسلامية ، مجلة الجامعة ، جامعة الموصل ، ايلول 1978
10. البعثة العسكرية الاسلامية ، مجلة مكتبة زانكو العدد (2) جامعة السليمانية لسنة 1977 .
الف العديد من الكتب ونشر منها :
1.الثغر الاعلى الاندلس 95-316 هجرية ،بغداد 1976
علاقات المرابطين بالممالك الاسبانية بالاندلس وبالدول الاسلامية ، بغداد 1985
2. دراسات في تاريخ الفكر العربي ، الموصل ، 1983
3. الاوضاع السياسية للعالم الاسلامي من خلال رحلة ابن بطوطة ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد .
كما اشترك مع عدد من الاساتذة في تأليف كتب اخرى منها :
1. (تاريخ العرب وحضارتهم في الاندلس) وقد الفه بالاشتراك مع الدكتور عبد الواحد طه والدكتور ناطق مطلوب وطبع في دار ابن الاثير للطباعة والنشر – جامعة الموصل 1986
2. (المظاهر الحضرية للمدينة المنورة في عهد النبوة ) ، الفه بالاشتراك مع الدكتور ثائر حامد صوفي خضر وطبع سنة 1984
شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية داخل العراق وخارجه .
كان للدكتور خليل ابراهيم صالح السامرائي آراء معروفة في قضايا التاريخ العربي والاسلامي ، ومن ذلك تأكيده المستمر على ان الحضارة العربية والاسلامية حضارة اصيلة ترجع عوامل انباتها الى عصر ما قبل الاسلام ثم نماها الاسلام بسرعة كبيرة وبلغت ذرة ازدهارها في عصور الاسلام المتعاقبة سواء أكان ذلك في المشرق الاسلامي أم مغربه .
وقد كان – رحمه الله وجزاه خيرا على ماقدم – من ابرز المدافعين عن الفكر العربي والاسلامي الذي كثيرا ما تعرض لمطاعن بعض المستشرقين وحتى من بعض المؤرخين العرب والمسلمين .
كما انصرف في العديد من دراساته لتوضيح أثر الفكر العربي والاسلامي في الفكر الانساني وكان يقول دوما ان الفكر العربي والاسلامي كان في العصور الوسطى الاوربية النور الهادي لاوربا فقد اخرجها من ظلمات التخلف الى عصر النهضة المعروفة .
وكان يقول ايضا أن أصالة الفكر العربي والاسلامي وقوته ينبغي ان تكون موضع اهتمام الجيل الجديد ، وفي ذلك حماية لافكار الامة وتعميق الشعور بهويتها وفي دراساته الاندلسية كثيرا ما تطرقالى اهمية وحدة المسلمين في مواجهة التحديات ورفض حالات التفكم والخلافات السياسية والمذهبية .
تعرض للمرض الشديد بعد أن أُصيب بإلتهاب الكبد الفايروسي الذي لم يمهله طويلا فتوفي في اليوم السادس من حزيران سنة 1988 وقد شيعه زملاءه في جامعة الموصل بما يليق به وبمكانته العلمية والاجتماعية حتى مثواه الاخير في سامراء .
رحمك الله ابا زياد وفي عليين ، وها نحن نذكرك والذكر للانسان حياة ثانية له .
___________________________________________________
___________________________________________________
* هذا المقال منشور منشور ايضا في :ابراهيم خليل العلاف، موسوعة المؤرخين العراقيين المعاصرين ، الجزء الاول ، دار ابن الاثير للطباعة والنشر ، جامعة الموصل ، الموصل ، 2010.