الثلاثاء، 29 أبريل 2014

الاستاذ سامي مهدي يكتب عن الشاعرة لهيب عبد الخالق

الاستاذ سامي مهدي يكتب عن الشاعرة لهيب عبد الخالق *

عرفت لهيب عبد الخالق منذ ثمانينيات القرن العشرين ، شاعرة متوثبة ، مخلصة في تطلعاتها ، تنشر شعرها في الصحف والمجلات ، وكان هذا الشعر يحظى بتقدير الأوساط الأدبية . كانت تزورني في مكتبي في جريدة " الجمهورية " لإطلاعي على جديدها ونشر قصائدها ، وكنت أتوقع لها أن تبلغ المكانة الشعرية التي تصبو إليها بين أبناء جيلها ، لأنها موهوبة وجادة ومخلصة وحريصة على تطوير تجربتها وترسيخها في المشهد الشعري العراقي . غير أن الظروف القاهرة لم تسمح لها بتحقيق كل طموحاتها في مجتمع ذكوري في عاداته وتقاليده ، فكانت مقلة في إنتاجها الشعري وفي نشر هذا الإنتاج ، فلم تصدر لها طوال أكثر من ثلاثة عقود سوى مجموعتين شعريتين اثنتين هما : " انكسار لطفولة الغصن " و " وطن وخبز وجسد " وها هي الآن تصدر مجموعتها الثالثة .
" ترانيم سومرية " هو العنوان الذي اختارته لهيب لمجموعتها الشعرية الجديدة . وتتكون هذه المجموعة من ثلاثة أقسام : جروح وطن ، وترانيم سومرية ، وطيور الرغبة . وكل عنوان من هذه العنوانات ينم عما تنطوي عليه قصائده . فقصائد القسم الأول انعكسات لما عاناه وطنها العراق من ويلات الحروب والغزو والاحتلال وما لحق به من خراب ودمار ، وما عاناه شعبه من قتل وضنك وتشريد . أما قصائد القسمين الثاني والثالث فهي مما تنزفه همومها الذاتية العامة وانشعالاتها الأنثوية النفسية والذهنية .
للهيب الشاعرة وجهات نظر واجتهادات خاصة في الشعر والكتابة الشعرية ، قد تخالفها فيها وقد توافقها ، ولكنها مستمعة جيدة ، ومحاورة واعية ، تقبل ما تقبله وتهمل ما تهمله ، وهي في هذا وذاك مخلصة لنفسها وفنها وتجربتها الطويلة . ويمكن القول إن مجموعتها الجديدة امتداد لمجموعتيها السابقتين من حيث الشواغل النفسية والفكرية والظواهر الفنية ، ولكنها تبدو في هذه المجموعة أكثر نضجاً وتمكناً في مهاراتها وفي استخدام أدواتها الشعرية ، وهذا ما تكشف عنه قصائد القسم الأول من المجموعة ، كما تبدو في قصائد القسمين الثاني والثالث منها أكثر جرأة في البوح عن همومها الذاتية وشواغلها النفسية ، وفي هذا وذاك يتجلى جديدها .
شعرية لهيب ابن أصيل من أبناء الشعرية العراقية بخصائصها المحلية المتميزة وسياقاتها الخاصة منذ العصر العباسي حتى اليوم . ومن ظواهر شعرها الفنية البارزة تمسكها بالأوزان الشعرية بخلاف الكثيرين من شعراء جيلها ، وإن جرّبت أن تشذَّ عن ذلك في إحدى قصائدها وأعني قصيدة " زهرة للحرب .. زهرة للحب " إذ جمعت فيها بين الشعر والنثر ، وفي ظني أن طاقاتها تتفجر في شعرها الموزون ، ولاسيما قصائدها المدورة ، وليس في نثرها .
وشاعرتنا ما تزال ، كما كانت في البدء ، تبحث عن مفردات مهملة ، أو منسية ، وميتة أحياناً ، تنتشلها من المعاجم وتنفض عنها غبار الزمن لتزجها في قصائدها لتوليد انزياحات لغوية تخدم شعرية القصيدة ، في ما تظن ، أعني مفردات مثل : اجتياف ، أصرام ، تدح ، يئلّ ، يهنج ، رزَّ ، ضلول ، سفوع ، وغيرها ، وتستخدم بعضها استخداماً اعتباطياً ، وهذا كله مما لا أوافقها عليه ، لأن بلاغة التعبير ، وطرافة الصورة ، وقوة الإيحاء ، تأتي من مصادر أخرى غير المعاجم ومفرداتها المتخشبة ، وهي حرة في أية حال .
وبعد فإنني تعمدت ألا أتناول قصائد المجموعة ، أو بعضها ، تناولاً مباشراً ، في هذه المقدمة القصيرة ، وما ذلك إلا ليكون القاريء حراً في تلقيها والتفاعل معها دون تدخل أو موجه من خارجها ، وأنا على يقين أنه سيلقى فيها شاعرة جديرة بالإعجاب والتقدير .
**مقدمة موجزة كتبها الاستاذ سامي مهدي لمجموعة الشاعرة لهيب عبد الخالق ( ترانيم سومرية ) 1 / 1 / 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

زقورة عقرقوف من المعابد العراقية في العصور القديمة

زقورة عقرقوف من المعابد العراقية في العصور القديمة وهذه صورة للزقورة وفيها مكان للمعابد العراقية وترتفع بالانسان المتعبد الى الاعلى حيث السم...