الأربعاء، 8 أبريل 2015

تردي التعليم العالي والبحث العلمي في العراق ...لماذا ا.د.ابراهيم خليل العلاف



تردي التعليم العالي والبحث العلمي في العراق ...لماذا
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس-جامعة الموصل
لااستطيع أن أصف لكم مبلغ حزني وألمي ... وانا أتابع قبل قليل برنامج "تحت المجهر " من قناة الجزيرة (الفضائبة ) وكان عن "التعليم العالي والبحث العلمي .
وقد اعتمد التقرير على مقابلة عدد من الاساتذة المتميزين في مختلف الاختصاصات العلمية الصرف والانسانية وكلهم أجموا على أن التعليم العالي والبحث العلمي في العراق منذ الاحتلال الاميركي في سنة 2003 وحتى كتابة هذه السطور يتراجع ويتدهور بشكل كبير جدا وفي كافة مفاصله العلمية والادارية .
ومن حسن الحظ ان التقرير لم يترك صغيرة أو كبيرة تخص التعليم العالي إلا واحصاها ومن ذلك ان قطاع التعليم العالي والبحث العلمي طالته السياسة والعسكرة .. وقد شهدت ساحات الجامعات غياب عدد كبير من الاساتذة (ممن يحملون مرتبة الاستاذية ) والاساتذة والمدرسين بسبب القتل والاغتيال أو الخطف أو النزوح والهجرة الى خارج العراق أو الاحالة على التقاعد بحجج مختلفة منها السن ...مئات من الاساتذة الجامعيين قتلوا أو اعتقلوا أو اختطفوا لاسباب سياسية ومذهبية وطائفية والمئات هاجروا والالاف احيلوا على التقاعد وتعد فترة تولي علي الاديب لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي أسؤأ فترة شهدها هذا القطاع الحيوي الديناميكي القادر على تغيير صورة البلد وتطويره ....
هل من المعقول اليوم ان تكون هناك في السوق 20 الف شهادة مزورة وقسم منها يحملها نواب وسياسيون يحتلون مواقع مهمة ؟ هل يقبل العراقيون اليوم ان بريطانيا قررت عدم الاعتراف بشهادة الجامعات العراقية ؟ جامعة بغداد الام التي ضمت في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 مئات من الدارسين العرب والاجانب .اقول لكم واعتمادا على احصائية موثقة فإن عدد الدراسين العرب والاجانب الذين كانوا يدرسون في جامعة بغداد سنة 1961(657 ) طالبا وطالبة منهم من انكلترا ومن ايطاليا ومن الصين ومن رومانيا ومن الهند ومن الدول العربية ومن ايران ومن الاتحاد السوفيتي السابق ومن المانيا ومن تركيا .
بالله عليكم فأن بغداد التي كانت قبلة العالم كم عدد من يدرس فيها اليوم من العرب او الاجانب ؟
اولادنا وبناتنا الان يطرقون الابواب في جامعات العالم لكي يقبلوا ويدرسوا وحتى من ارسلتهم الدولة فأن رواتبهم اليوم خفضت الى النصف ؟ هل يقبل من لديه ذرة من العقل ان الجامعات اليوم صارت تقبل نوابا وسياسيين استثناءا من العمر والمعدل .. يرسب في الامتحان وعمره كبير ويداوم في البرلمان ويقبل استثناءا في كلية العلوم السياسية ولايداوم فيها بل يأتي ليمتحن فقط وفي ظروف مهيئة وهذا ليس على صعيد البكالوريوس وانما على صعيد الماجستير والدكتوراه .
كل من سألهم معد التقرير قالوا ان الجيش وقوى الامن وو يتدخلون ويدخلون الى الجامعات ويعتقلون ويضربون ويمنعون الطلبة من ممارسة فعاياتهم العلمية والاجتماعية .يقينا ان الاميركان ومن جاء معهم هم روجوا للمذهبية والطائفية والا كيف يمكن ان يقبل انسان ان يخرج بعض الطلبة استاذهم الى حديقة الكلية ليوسعوه ضربا يضطر بعدها الى التواري عن الانظار ومن ثم ينقل خدماته الى جامعة اخرى .
وعن الرسائل والاطروحات فحدث ولاحرج صارت في بعض الكليات اقرب الى التقارير منها الى الرسائل والاطروحات .. وماذا عن الامتحان الوزاري لطلبة الجامعات وتغيير المناهج وعطل الاجهزة المختبرية والعميد الذي تخرج وراءه السيارات والحمايات فضلا عن ان درجته العلمية لاتؤهله لان يكون عميدا .
وماذا عن سياسة التعليم العالي والبحث العلمي ... وهل هناك سياسة وستراتيجية ؟اليونسكو وضعت خطة لاعادة تأهيل التعليم العالي والبحث العلمي في العراق وهي خطة محكمة كان لي الشرف ان اكون واحدا ممن ناقشها في بيروت اين هي الان ؟ ولماذا لم تنفذ ؟ وهي تركز على عنصر الابداع والبحث العلمي الرصين .. ثم ماهي حصة التعليم العالي والبحث العلمي في موازنات مابعد الاحتلال انها ضئيلة وضئيلة جدا وبدرجة مخجلة .
ثم الى اين يذهب اليوم خريجي الجامعات العراقية ؟ إنهم للاسف يعملون في الشورجة ولديهم بسطات على قارعة الطريق ..
اليوم توجد سياسة للوزير وليس للوزارة فكل وزير يأتي بما يريده سواء كان من هذه الطائفة ام من تلك .
ثم هل من المعقول ان تربط سياسة البعثات بمجلس الوزراء ؟من المؤكد ان السبب سياسي وحتى يتم التحكم في من ينال البعثة ومن يحرم منها .
هذا غيض من فيض.. ايها الوطنيون هل تقبلون ان يتراجع بلدكم ليصل الى هذا المستوى المتدني ؟ والى متى ؟ واين الدراسات والبحوث ؟ واين سوق العمل ولماذا لايستفز التدريسيون لكي يقدموا بحوثا تخدم مجتمعهم وبلدهم ؟ والى متى يبقى خريج الجامعة عاطل عن العمل ؟والى متى تبقى جامعاتنا تئن تحت قيادات لاتبالي بالمستقبل وما يجب ان تتتحمله الجامعات؟ ... فالجامعات اليوم في العالم لم تعد مكانا للتدريس بل للبحث العلمي بإتجاه تطوير بيئة توطنها .
وجامعاتنا -للاسف الشديد -باتت مشلولة وعاجزة وهي اقرب الى المدارس الثانوية واصبح هم من يعمل فيها الراتب والمخصصات والايفادات والمكاسب ولايعني ان ما نقوله ينطبق على الجميع فهناك اساتذة وطلبة كثيرون حزينين مثلنا على ما آلت اليه اوضاع هذه الجامعات ولابد لهم ولنا ان ندق ناقوس الخطر ؛ فالبلد في خطر نعم في خطر ولابد من العمل الصالح والرشيد والنزيه والنظيف الخالي من الاغراض . والله من وراء القصد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مقدمات العلاف

   مقدمات العلاف خلال سنوات طويلة، تشرفتُ بكتابة مقدمات لكتب ، اصدرها كتاب ومؤرخون واساتذة اجلاء .. ومراكز بحثية رصينة صدرت تتعلق بموضوع...