السبت، 13 ديسمبر 2014

قصيدة ((الإنسان بين يومه وأمسه)) شعر : فاضل الصيدلي (رحمه الله)

قصيدة ((الإنسان بين يومه وأمسه)) 
شعر : فاضل الصيدلي (رحمه الله) 
لقد كان ابن آدم غير هذا عفيفاً منصفاً وشريفَ حدسِ  
لقد كان ابن آدم فوق هذا رفيعَ الطبع مالكَ عزّ نفسِ 
رقيقَ القلبِ ذا رفق فأمسى بقلبٍ مُكتسٍ بغشاءِ كِـلسِ 
فماذا قد دهاهُ من الدواهي فانزلهُ الى الدَرَكِ الأخسِّ
فأضحى بعد أن قد كان حراً يبيعُ ضميرهُ حتى بفلسِ
وماذا أفسد النبتَ الذي قد زكا أصلاً وخُصَّ بطيبِ غرسِ
ترى الإخوان في نُكرٍ ولكن لدى الأطماع في عُرفٍ وأنسِ
لعمرك إن أهل العصر طُـراً إذا هم قُسِّموا لا غيرَ خَمسِ
فمِن متوددٍ طمعَ انتفاعٍ وذي لُؤْمٍ دَنِيّ الطبعِ نحسِ
وكذابٍ وذي حَسَدٍ وغَدرٍ وختّـالٍ على جهلٍ وبؤسِ
وكلٌ يدعي الإحسانَ لكن أبـِالدعوى يُغطي وجهَ شمسِ؟؟
أبادوا الحقَّ والإنصافَ جَمعاً وما أبقوا على عُشرٍ وخمسِ
ولم يحظَوا عن الأسلافِ إرثاً مِن الخيراتِ قطُّ ولو بسدسِ
وسارَ النُكْرُ معروفاً لديهم فلا من يحتميهِ حذارَ بأسِ
ولو أمليتُ مما قد أَرى مِنْ مخازيهم لسُوِّدَ وجهُ طِرسي
فيا لَهَفي على حُسْنِ السجايا لقدْ دَرَسَتْ لديهم أيَّ دَرْسِ
وواهاً للوفاءِ لقد نَسَوهُ وآذنَ روضُهُ الزاهي بـيَبْسِ
فِـصاحٌ عندَ مَطْمَعَةٍ لِباقٌ وعن نصرِ الحقيقةِ مثلُ خُرسِ
وقد جهلوا الوَجائِبَ غيرَ حُرصٍ وما عرِفوا سوى إيثارَ نفسِ
فيا عصرَ التمدنِ أيَّ شيء جَنيتَ على الأنامِ فَـبُءْ بتعسِ
لقد شَمَلتْ فظائِعُكَ البرايا
وكم خَشُنَتْ قلوبٌ منذ أضحت وما أبقتْ على عُرْبٍ وفُرسِ
منعّمةً بأقمشةِ الدِمَقْسِ
أكان كذلك الإنسانُ قبلاً؟ بعهدِ الجاهليةِ قبلَ أمسِ
فما فعل الأُلى كَرُموا خلاقاً أَكلُّهمو امَّحوا يا لهفَ نفسيّ
لمن تلك المحامدُ أورثوها؟ فهل ذهبوا بها في طيِّ رمس؟
أجبني ويكَ يا عصرَ الرّزايا بجهرٍ أو بإسرارٍ وهمسِ
أفي أهليكَ من يوفي بعهد لِحنفٍ دونَ رهنٍ غيرِ قوسِ(1)
فجئني اليوم في حرٍّ يضاهي بعفتهِ لأسوَدَ قومِ عبْسِ (2)
وقل ذا واحدٌ بسماحِ طبع يداني خزرجيا أو لأوسي
(1)تلميح إلي فياءِ (حاجب بن زرارة ) بعهد لكسرى فيما عهد على أنه لم يكن يعطي رهينةً لكسرى غيرَ قوسٍ لا يساوي شيئاَ من القيمة غير قيمة الشرف, ولما مات (حاجب) لم يرضَ ابنه إلا أن ذهبَ إلى كسرى واسترجع منه قوس أبيه.
(2) إشارة إلى قول عنترة: ((وأغضُّ طَرْفي حين تخرجُ جارتي...حتى يواري جارتي مأواها)) ................وشكرا للصديق الدكتور نبيل نجيب فاضل الصيدلي (حفيد الشاعر )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كريم منصور........... والصوت الذهبي الحزين

  كريم منصور........... والصوت الذهبي الحزين ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل  لا ابالغ اذا قلت انه من ال...