الاثنين، 15 ديسمبر 2014

تاريخ القرآن بقلم :الاستاذ سامي مهدي

تاريخ القرآن
بقلم :الاستاذ سامي مهدي
أمضيت عشرة أيام وأنا أقرأ بتؤدة ودقة كتاب ( تاريخ القرآن ) . والكتاب للمستشرق الألماني ( تيودور نولدكه ) كما كتب على غلافه الخارجي . ولكنني اكتشفت أنه يتكون من ثلاثة أجزاء ، ألف نولدكه الجزء الأول منه فقط ، وقام بـ ( تعديل ) ما ألفه ( فريدر يش شفالي ) . أما الجزء الثاني فألفه شفالي نفسه وساعد في تصحيحه وتعديله ( أوغست فيشر) . وأما الجزء الثالث فألفه ( غ . برغشترسر و أ. بريتسل) .
ورغم أن عنوان الكتاب هو ( تاريخ القرآن ) إلا أنه يتناول الإسلام ديناً ونبياً وكتاباً : سيرة الرسول ، وكتب السيرة ، والوحي وحقيقته ، والمادة القرآنية ومرجعياتها ، وأسباب نزول السور ، وتدوينها ، وتسلسلها ، وتقسيمها إلى أجزاء ، وجمع القرآن ، ونُسَخه المخطوطة قبل الجمع وبعد الجمع ، وخاصة النسخة العثمانية ، والتفسير والمفسرين وكتب التفسير ، والقراءات القرآنية ولهجاتها وما آلت إليه ، وأحاديث الرسول ورواتها ، وتدوينها وجمعها وجامعيها ، وكتب الحديث وتطورها على اختلافها ، والأحاديث الصحيحة والموضوعة ، ومبدأ الجرح والتعديل . وخلاصة القول إن هؤلاء المؤلفين لم يدعوا صغيرة ولا كبيرة في الدين الإسلامي إلا وجعلوها موضع نقد ونقاش ، ولم يدعوا مصدراً منشوراً أو مخطوطاً مما له علاقة بهذه الموضوعات إلا وعادوا إليه ووضعوه على محك النقد .
والمنهج المعتمد في هذا الكتاب هو منهج : النقد التاريخي . والشك في الروايات والرواة والمصنفات والمصنفين هو عماد هذا المنهج . ولا غرابة في ذلك ، فقد اعتمد الأوربيون هذا المنهج في نقد الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد .
إذن لا اعتراض عندي على المنهج في ذاته ، ولكنني لاحظت أن التشكيك ، وليس الشك العلمي المجرد ، هو الغالب على استخدام هذا المنهج في دراسة الموضوعات التي ذكرناها وغيرها مما لم نذكره ، وأن المؤلفين ، وخاصة نولدكه ، يميلون إلى ترجيح الروايات التي تنتقص من الإسلام ، ورسول الإسلام ، وقرآن الإسلام ، مهما كانت ضعيفة ، وهذا أهم مطعن في علمية الكتاب ونزاهة مؤلفيه ، وفي مقدمتهم نولدكه .
هذا الكتاب من منشورات الجمل ، ويقع متنه في نحو 700 صفحة من القطع الكبير ، عدا فهارسه . نقله إلى العربية : د. جورج تامر بالتعاون مع فريق عمل من ثلاثة أشخاص بينهم مسلم واحد فقط . ودعمت تعريب الكتاب مؤسسة كونراد – أدناور الألمانية ( وذلك في إطار اهتمامها بالحوار مع الإسلام ) كما جاء في المقدمة ، وأن تعريبه ( مشروع حواري ، القصد منه تحريك سجال علمي بغية تشجيع البحث في ميدان الدراسات القرآنية والإسلامية ، من خلال تزويدها بمادة نقدية غنية ) . ويرجو كاتب المقدمة ( أن يطلق الكتاب حواراً حول المادة التي يتضمنها ، وأن يسهم في بلورة قراءة حديثة للترااث العربي الإسلامي عموماً ) .
معنى ذلك أن هؤلاء يقولون لنا : هذه هي حقيقة نبيكم ، وهذا هو قرآنكم ، وهذا هو دينكم ، فتعالوا نتحاور !
والسؤال هو : حول ماذا يكون الحوار إذا كان كتابهم قد قرر كل شيء قبل أي حوار ؟!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حركة الشواف المسلحة في الموصل 8 من آذار 1959 وتداعياتها

  حركة الشواف المسلحة  في الموصل  8 من آذار 1959 وتداعياتها  أ.د. إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل ليس القصد ...