الخميس، 11 ديسمبر 2014

أحمد محمد المختار(1932-2008 )

أحمد محمد المختار(1932-2008 ): سيرة شاعر وباحث وصحفي
الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس - جامعة الموصل
أحمد محمد المختار، شاعر، وباحث،وصحفي، وكاتب.. واحد من أعلام الموصل الذين بذلوا جهوداً طيبة من أجل إعلاء شأن الكلمة في هذه المدينة المعطاء .. عرفته قبل أكثر من ربع قرن .. دؤوب ، مثابر، مخلص ، ترك أثاراً شعرية وفكرية كثيرة .. لكن يظل كتابه" تأريخ علماء الموصل" بجزئية والذي طبع مرتين الأولى سنة 1961، والثانية سنة 1984 من أبرز ما قدم على صعيد كتابة التراجم في تاريخنا المعاصر.. ألفه بهدف محدد، وهو رغبته في إن يضع بين أيدي الجيل الجديد بعض سير وتراجم العلماء الأفذاذ ليتم بهم الاهتداء والإقتداء ، ولعمري لو لم يكتب المختار كتاباً أخر .. لعد كتابه " تأريخ علماء الموصل"،من أبرز المصنفات العلمية التي أغنت المكتبة العراقية والعربية والإسلامية في العصر الحديث..
أرخ المختار للحاج محمد ألرضواني، وللحاج عبد الله النعمة وللحاج احمد الجوادي وللحاج قاسم ألجليلي وللحاج احمد (المسدي) الحمداني وللشيخ الشهيد هاشم عبد السلام وللحاج عبد الله الحسو والأستاذ محمد علي العدواني وللشيخ فائق الدبوني وللشيخ اسماعيل مصطفى الكتبي وللشيخ قاسم الشعار وللشيخ يوسف الرمضاني وللشيخ بشير الصقال وللشيخ عمر النعمة وللشيخ محمد رشيد الخطيب وللشيخ محمد حبيب ألعبيدي وللشيخ محمد شيت الجو مرد وللشيخ محمد طاهر البر يفكاني وللشيخ عبد الجواد الجوادي وللشهيد الإمام توفيق ألنعيمي ولغيرهم أولئك المصابيح الذين نهتدي بهم اليوم ونحذو حذوهم ونتذكر مواعظهم ودروسهم الدينية والتربوية في الجامع الكبير وجامع الباشا وجامع الرابعية وجامع الشيخ عبدال وجامع النعمانية وجامع الشيخ محمد..كنا، عندما فتحنا أعيننا على الحياة .. نعرف بان هؤلاء الأعلام العلماء، ليسوا كغيرهم من خطباء الجمع والعيدين.. كانوا مدارس متميزة في الفقه والاجتهاد.. لم تكن خطبتهم مقتصرة على أمور الدين ، بل كانوا يمزجون هذه الخطب بما هو متعلق بجميع مناحي الحياة ومشاكل الإنسان المسلم.. يقدمون النصيحة ويبذلون الجهد والاجتهاد في تقديم الحلول لكل ما يعترض في سبيل الإنسان من عقبات ومشاكل.. كانت (التعددية الفكرية) تتجلى في أسمي معانيها في سير وفكر أولئك الرجال.. ويأتي الشيخ المختار ليؤرخ لهم ، لنشأتهم .. لدراستهم، لأساتذتهم، لتلاميذهم، لمواعظهم، لخططهم في إصلاح المجتمع .. لمقاصدهم التربوية والسياسية لمؤلفاتهم ومصنفاتهم ولمجالس وعظهم.. فبورك هذا الجهد وبورك صاحبه وجعله في ميزان حسناته ، وجزاه الله خير الجزاء فقد سهل علينا نحن المؤرخين عملنا عندما وثق لرجالات وأعلام وعلماء الموصل في القرن الرابع عشر الهجري (القرن العشرين الميلادي).
أحمد محمد المختار، رجل موصلي، ولد في محلة باب البيض سنة 1932، وهو احمد بن محمد المختار بن ملا احمد بن سلطان بن مبارك بن حسين بن مسلمة الحيالي .. توجه في بداية حياته لحفظ ودراسة القران الكريم والتجويد على يد شيخ القراءات السبع المرحوم الحاج عبد العزيز بن عبد الحميد الخزرجى البصير سنة 1942 ثم دخل المدرسة القحطانية المسائية وواصل دراسته ولكنه ترك المدرسة النظامية الرسمية 1948 وحجته، رغبته أن يصبح مقاتلاً في فلسطين ،ولم يتوقف عن الدراسة الدينية ، فاتصل بالمرحوم الشيخ عمر النعمة ودرس على يديه واضطرته ظروف الحياة ليعمل مراقبا في مخابز الصمون بمديرية إعاشة الموصل.
أصدر في منتصف الخمسينات ديوان (أناشيد الحرمان) وهو أول باكورة الإنتاجية الأدبي ، فلقي رواجاً بين محبي الأدب والأدباء .. درس اللغة العربية في المدرسة الإلزامية الأصلية بالموصل، أشتغل محررا في جريدة فتى العراق الموصلية ثم في جريدة الإخبار التجارية وكان له نشاط سياسي معارض للحكم،وقد اعتقل في سنة 1956 لمشاركته في التظاهرات الشعبية التي اندلعت في الوصل تضامنا مع شعب مصر وهو يواجه العدوان البريطاني الفرنسي الصهيوني وحوكم أمام المجلس العرفي العسكري الثاني في كركوك.. وحكم عليه بالسجن تسعة اشهر .. وبعد خروجه من السجن واصل دراسته الدينية في مدرسة الحجيات الوقفية المعروفة على منهج مقرر من مديرية الأوقاف العام .. وحصل سنة 1961 على ألإجازة العلمية
واصدر سنة 1957 ديوانه الثاني (أعاصير الألم) وعين بعد تخرجه من دراسته الدينية إماما لمسجد الالي بكي واعتقل بعد فشل ثورة الموصل في آذار 1959 ثم أعيد إلى وظيفته إماما وخطيب وواعظا في جامع الشيخ قضيب ألبان .توفي في اليوم السادس عشر من كانون الثاني 2008 .
له كتب عديدة منها (أوراق متناثرة) ، (صراع مع الحياة)، صدى المنبر الإسلامي)،(الإسلام والتفكير الاشتراكي)،(أضواء على التسلل الشعوبي)..كما أن له مجموعة كبيرة من المقالات نشرت في الصحف الموصلية والبغدادية .. كان واحداً من مؤسسي جريدة الحدباء ومحررا ورئيسا فيها .. ولا أنسى دعمه للشعراء الشباب والكتاب الناشئين وتشجيعه لهم على مواصلة نشاطهم الإبداعي .رحمه الله واسكنه فسيح جناته ،فقد ترك بيننا مايجعلنا نتذكره .
* نص الكلمة التي ألقيتها في الحفل الذي أقامه اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين –فرع نينوى يوم 29 نيسان1998 في قاعة اللجنة الاستشارية للثقافة والفنون في الموصل ، تكريما للأستاذ احمد محمد المختار رحمه الله .
*http://www.wata.cc/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حركة الشواف المسلحة في الموصل 8 من آذار 1959 وتداعياتها

  حركة الشواف المسلحة  في الموصل  8 من آذار 1959 وتداعياتها  أ.د. إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل ليس القصد ...