الاثنين، 10 نوفمبر 2014

صورتكِ أيّتها البلاد .. أينَ أضعُها الآن ؟ شعر :الاستاذ علي نوير

  صورتكِ أيّتها البلاد .. أينَ أضعُها الآن ؟
شعر :الاستاذ علي نوير 
كلّما أضعُ صورتَكِ أمامي
حجبَها الدخانُ ، و غطّتْها الأتْربَة
كلّما لوّحتُ لكِ
غابتِ الإشارةُ
وآرتبكتِ اليد
وآرتدّتْ إليّ
كما لو كانتْ فَنارآ أدركتْهُ موجةٌ عارمة
أسألُ الريحَ عن مداركِ الذي أفْلَتَ
أو أُفلِتَ منّي
بَيدَ أنّ أسئلتي ذهبتْ
تبحثُ في أدراجها الخاويةِ .. ولم تعدْ الى الآن
أسألُ سماءً لم تعدْ خَفيضةً
عن جدوى موتِ الوردةِ قبلَ أوانها
ترتدُّ أسئلتي رصاصاتٍ من سجّيل
كلّما أقولُ للبحر ؛
أينَ ذهبتَ بالسواحلِ والبحّارةِ والأشرعة ؟
تنتفض ُ الحيتان لتبتلعَ السؤال
أينَ أضعُ صورتَكِ الآن ؟
لا مَكانَ على الحائطِ المُبتلى باللافتاتِ وصورِ القدّيسين
لا مَكانَ على الأرصفةِ المُزدحمةِ بالمتسوّلين و العاطلين َ عن الحياة
أينَ أضعُ صورتَكِ الآن أيّتها البلاد ؟
وليسَ لك ِ من الأرض الواسعةِ
سوى حَقلٍ فَسيحٍ بحجمِ مَقبرة
أو مَقبرةٍ فَسيحةٍ بحجم حقل
ليسَ لكِ من الينابيع
سوى دموعِ الأمّهات
ليسَ لكِ من الأمطار
سوى الأشلاء المتناثرةِ على الساحات وفوقَ الأرصفة
ليسَ لكِ من الأغاني
سوى ما حفظناهُ يومآ من السيّدةِ " زهور حسين " عن ظهر حزن
ليسَ لكِ من المَديح
سوى هجاء الأرض العطشى لأنهارها المُسْتباحَة
ليسَ لكِ من الأناشيد
سوى ما يُردّدهُ دراويش ُ العصر في حفلاتهم التنكّريّة
ليسَ لكِ من الأنين
سوى حُنجرةٍ مُشرّخَةٍ لكثرة الفَقْد
ليسَ لكِ من التاريخ
سوى خُرافةِ الماضي السعيد
ليسَ لكِ من الجغرافيا
سوى مُثلّثٍ آفلٍ بحجم القلب
ليسَ لكِ من البكاء
سوى كلماتي هذهِ
.
ليتني أصعدُ أعلى زَقّورتكِ الآن
لأرى كم يلزمني من الشموع
كي أُضيءَ جراحَكِ الكثيرة
ما عُدتُ أُصدّقُ
أنباءَ قيامتكِ الأخيرةِ وموتُكِ ماثل ٌ أمامي
وأصواتُ المُشيّعين تقطعُ الطريقَ على حلمِ نهارٍ مضى
ملايين ُ الأصواتِ الصادحة
ولا أثرَ لضابطِ الإيقاع
ليتني أفيقُ من كابوس التشييع الى حلم الإشاعة
حزنكِ أيّتها البلاد
أضحى سَوطآ بيد الجُناة
وجَمرةً بيد الضحايا
لستُ أرثيكِ الآن
ما مِنْ قَصائدَ تكفي
لستُ أبكيكِ
لا دمعَ عندي
القادمونَ من العدم
بنَوا لهم من الرمل بلادآ فَسيحةً
وعلى الماءٍ مُدنآ من خيال
ونحنُ أبناؤكِ الصِيد
هَشّمناكِ بفؤوسنا
وقايضنا الأعداءَ و الأقربين
بنخيلكِ وهضابكِ وسهولكِ ودماءِ أبنائكِ
من أجل هاويةٍ تنتظرنا جميعآ
القادمونَ من البرّ و البحر
يُعيدونَ ترتيبَ الأسرّةِ في غُرف ِ نومنا الأبديّ
لنشكرهم مَعآ
لولاهم ما كانتْ للأسرّةِ كلُّ هذا الثبات
وما كان لنا كلُّ هذا " الربيع "
وما كان لنا كلُّ هذا النوم الرَغيد
ليتَ لي ما للطير من جَناح
كي أحطّ على ملويتكِ يا سامرّاء
وأبقى هناك
مُفردآ
أعزلَ
لأنثرَ بعدها رمادَ جَناحي
الى أمواهكِ يا " دَجلةَ الخير "
كما لو أنّهُ سفينتي التي أحرقتُها عِنْدَ ساحلٍ بعيد
.
ها أنذا الآن
أنظرُ من شاهق
الى خَوائكِ المُمتدّ
من الجبلِ الى البحر
لا أرى
سوى زواحفَ تدبُّ على أرضكِ الجرداء
ورمادٍ
يملأ ُ الهضابَ و البِطاح
وليلٍ سَرمديٍّ
لا يثقبهُ
سوى رصاصِ القَتَلَة
وأدعيةِ العَجَزَة
وكلماتٍ مُخاتلةٍ
إمتلأتْ بها الجدران
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

معنى كلمتي (جريدة ) و(مجلة )

  معنى كلمتي ( جريدة) و(مجلة) ! - ابراهيم العلاف ومرة تحدثت عن معنى كلمة (جريدة ) وقلت ان كلمة جريدة من   (الجريد) ، و( الجريد) لغة هي :  سع...