الاثنين، 6 أكتوبر 2014

ذكريات الاستاذ سامي مهدي ( 49 ) عندما كتبت أغنية

ذكريات  الاستاذ سامي مهدي ( 49 )
عندما كتبت أغنية
لم أفكر قبلها بكتابة أغنية ، ولن أفكر بكتابة غيرها أبداً . كنت مدير التلفزيون يوم كتبتها . فقد جاءنا توجيه من رئيس الجمهورية المرحوم أحمد حسن البكر بتشجيع كتاب الأغاني والملحنين على إنتاج أغان باللغة العربية الفصحى إلى جانب الأغاني الأخرى وتلحينها ، وطلب مني المدير العام للإذاعة والتلفزيون أن اجتمع بهم وأدعوهم إلى ذلك دون الإشارة إلى مصدر التوجيه . وفعلت ، وأظن أن زميلي الأستاذ أرشد توفيق ، مدير إذاعة بغداد يومئذ ، كان ممن حضروا هذا الإجتماع .
غير أن كتاب الأغاني والملحنين تذرعوا بذرائع شتى ليتملصوا رغم أنني أغريتهم بزيادة الأجور . أما الحقيقة كما أعرفها فهي أن أغلبهم لا يستطيعون ، ومن يستطيعون ، وهم ندرة ، لا يحبذون إنتاج الأغاني الفصيحة ، لأن جمهورها محدود ، أو لأسباب أخرى . وفي خضم الجدل حول الموضوع قال أحدهم بخبث لم يخفَ علي : أستاذ ، لم لا تكون أنت قدوة لنا في ذلك ؟ ألست شاعراً ؟! فضحكت ، وقلت : أنا أعرف غايتك ، ولكنني سأفعل !
وفعلت ! فعلتها تحدياً ! كتبت أغنية بعنوان ( صدفة ) . واستخدمت هذه المفردة رغم علمي بأنها ليست فصيحة ، استخدمتها ليس لخفتها وسلاستها قياساً على مفردة ( مصادفة ) فحسب ، بل كذلك لشيوعها بين الناس وكثرة تداولها في الكتابة ، وهذا مبدأ لغوي أجيزه لنفسي في بعض الأحيان .
المهم أنني كتبت الأغنية بهذا العنوان ، وعرض علي بعض الملحنين تلحينها ، ولكنني اخترت من بينهم المرحوم الفنان كنعان وصفي ، لأن له أكثر من تجربة سابقة في تلحين أغان فصيحة اللغة ، وتركت له اختيار من يغنيها فاختار هو الفنانة الرائعة : أنوار عبد الوهاب ، واشترطت عليه وعلى غيره من المعنيين ألا يعلن إسمي بوصفي كاتب نصها .
طلب مني المخرج التلفزيوني المرحوم رشيد شاكر ياسين أن يتولى بنفسه إخراجها ، ولأنه من المخرجين المبدعين الذين أثق بذوقهم وافقت على طلبه وأوصيته بأن يتجنب ذكر اسمي عند إخرجها من باب الحيطة ، ففعل .
ولكن اسمي ذكر عند تسجيل الأغنية إذاعياً . فعل هذا زميلي مدير الإذاعة ، بحجة أنه لا يجوز تسجيل أغنية دون ذكر اسم مؤلفها ، وهو سبب وجيه . ولأن المذيعين اعتادوا ألا يذكروا اسم مؤلف الأغنية عند تقديمها ظل اسم مؤلفها مجهولاً ، أو شبه مجهول . وصادف أن سألني كثيرون في هذا العالم الإفتراضي / الواقعي عما إذا كنت أنا المؤلف فلم أنكر .
صدفةً يا هوايَ التقينا
فلهونا معاً
وزهونا معاً
وكتبنا معاً قصة لكلينا
* * *
صدفة يا هوايَ التقينا
فإذا هزّنا مرحُ العاشقينْ
فلنا في الهوى كل ما يدّعون
ألقٌ في العيونْ
ورؤىً وظنونْ
ودمٌ يلتظي
ومنىً وحنينْ
ولنا مثلهم رعشةٌ في يدينا
صدفة يا هوايَ التقينا .
أظن أن هذه الأغنية لقيت نصيباً حسناً من النجاح ، فما زال هناك من يتذكرها ، ويحن إليها ويستمع ، وما زال هناك من يسأل عن مؤلفها ،رغم مرور تسعة وثلاثين عاماً على تسجيلها .
*ورابط الاغنية :https://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&list=RDZVfJZgpVcuc&v=ZVfJZgpVcuc&app=desktop

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مقدمات العلاف

   مقدمات العلاف خلال سنوات طويلة، تشرفتُ بكتابة مقدمات لكتب ، اصدرها كتاب ومؤرخون واساتذة اجلاء .. ومراكز بحثية رصينة صدرت تتعلق بموضوع...